يكثر الحديث عن الفتنة في العراق. بل أصبحت دعاية انتخابية لمرشحين ينتمون لبيئة آسنة ارتدوا بدل (الزيتوني) و(الورور) الخواتم والعمامة والعباءة وأطلقوا اللُحى. وأصبحت كنيتهم الجديدة (مولاي) بدل (رفيقي). الفتنة الصغرى التي يمكن أن تصبح ككرة الثلج كبرى. حديث الفتنة يستحضر من التاريخ أسوأ ذكرياته وأسود أيامه يوم اختلف صهر النبي وكاتب وحيه: علي ومعاوية، على الخلافة ومن أحق بها أو أجدر. لم نعرف من حقيقة القصة إلا ما تناقله الرواة وما أكثر ما يكذب الرواة. لم تكن هناك وقتها لا قناة (الجزيرة أو العربية أو الميادين أو روتانا) لتنقل لنا الحقيقة والتأويل. سألت أكثر من صديق مسلم مؤمن صادق الإيمان: من تعتقدون أنه كان على حق..؟.. قالوا: نقسم بالله إننا لم نكن هناك ولم نشهد ما حدث ولا نعرف من القصة إلا أحد جانبيها. قلت فأي الجانبين أنتم معه..؟. قالوا: مع الاثنين. قلت: وهل يصح ذلك..؟. قالوا: وهل يصح أن يقتتل المسلمون إلى ما لا نهاية على أمر ليس بينهم من شهده أو يعرف عنه إلا ما نقله رواة منتمون لهذا الفريق أو ذاك. أي رواة هم طرف في الخلاف.؟
بعض مرتزقة الدين كبعض مرتزقة السياسة. كبعض مرتزقة السلطة والحكم. مجرد مرتزقة وإلا فمن يستطيع أن يقنع عاقلاً أن خلاف أبني أبي طالب وأبي سفيان مازال مستمراً في حياتنا إلى اليوم..؟
الفتنة كبراها وصغراها، مجرد خلاف وارتزاق سياسي يهيجها السلاح وتحش لها المصالح. لا فتنة بدون سلاح. لا فتنة بدون جهل. لا فتنة بدون مرتزقة. لا فتنة بدون تمويل. لا فتنة بدون تغذية إفتائية. لا فتنة بدون إله يتجسد بهيئة بشر ذكر أو أُنثى (أُميْ) بجهله أو جاهل بعلمه يميت بكاتمه أو ساطوره لكنه لا يحيي الموتى ولا العظام وهي رميم إلا الله الذي وهب صفة واسم (الظالم) للمخلوق واحتفظ لذاته عز وجل بـ99 إسماً كلها رحمة وحق وعدل واحسان.
أخيراً: إذا كان لا بد من الفتنة وقد أطلت مسلحة فليكن وأدها بتغييب السلاح لا ببيان يؤكد نفيها.
أحد الذين عاصروا أحداث الفتنة حضر لي في المنام فسألته عنها فقال: ضل من شارك فيها بالفعل أو القول أو المشاهدة. وضل من يستذكرها أو ينتمي إليها على طرفيها، فدم المؤمن على المؤمن حرام أمس واليوم وغداً. وكفى الله المؤمنين شر القتال وشر الخصام.