منذ عقود والعراق كان وما يزال هو العمود الفقري للأمة العربية. وطن – حضارة- تاريخ عظيم، حمل هموم المنطقة على عاتقه وقدّم الكثير من الدعم في أصعب المواقف وأكثرها خطرا .. وفي كل مرة يمد فيها يد العون، سواء في الأزمات الأمنية و السياسية و الاقتصادية و الانسانية، كان يتوقع انها ستُثَمن ويكون هناك مقابل يستحقه، ولكن الواقع كان دائمًا مغايرا وكان مجرد دعم بلا مقابل… ونتائجه محبطة ومخيبة للامال.
منذ زمن طويل والعراق يقدم الدعم لجيرانه وأشقائه في أوقات الشدة، ويقف معهم في محافل متعددة ، لكن مع كل الاسف لم تقابل تلك التضحيات بالاحترام والتقدير الذي هو اقل ما يكون بالنسبة لهبة معطاة بكل حب وتفان وصدق .
هل تم تكريم العراق على كل ما قدمه، أم أن “الدعم” كان دائما يؤخذ من دون أي اعتراف او رد للجميل؟ بل العكس تماما كل الدول التي اغدقنا عليها من خيراتنا واموالنا وثرواتنا قابلتنا بابشع أشكال النكران والتغافل والاستغلال لا بل أصبح مواطنونا يعاملون وكانهم دولار يسير على الارض اذا ما قصدهم للسياحة أو راح يدرس أو يتعالج في هذه الدولة أو تلك ، رايناهم بأم أعيوننا كيف يبدعون ويتقننون بل لا يكادوا يدخرون جهدا في سرقة العراقي وايذائه بشتى صور الايذاء وهذا واقع يستحيل انكاره .
الوقت حان لأن نلتفت لأنفسنا وكفانا املاقا وحماقة
اليوم، ومن خلال كل تلك التجارب المؤلمة ، أصبح من الواضح أن العراق بحاجة لان يوقف الدعم الخارجي بجميع اشكاله وصوره ، يجب أن نعي تماما أن بلدنا قادر على النهوض من داخله، ويجب أن يعود للتركيز على بناء نفسه من جديد. ولا ينتظر الخير من اية دولة كانت عربا ام اجانب لان الأمر سيان نحتاج إلى البناء الداخلي والتعافي بدل التركيز على الغير .
بلدنا اليوم بحاجة الى اعادة بناء داخلي حقيقي، ليس فقط على مستوى الحكومة، بل على مستوى المجتمع بكل تفاصيله. يجب أن نستعيد ثقتنا بأنفسنا، وأن نعلم أن دعمنا يجب أن يأتي من الداخل أولاً. إذا ما تمكنا من تحقيق ذلك، فان العراق سيعود قويا كما كان، بل أقوى بكثير.
العراق هو عملاق الأمة العربية، ولا أحد يستطيع أن يقلل من شأنه أو يغيب دوره الكبير وإن فعل فهو جاهل واحمق . مهما حاول البعض التهميش أو التجاهل، يبقى العراق ركيزة أساسية في المنطقة والعالم رغما عن كل الظروف سيظل فوق الجميع و يجب أن ندرك جميعا أن بلدنا لن ينهض الا بجهود أبنائه. يكفي دعما طالما لم نرَ منه سوى الوعود الفارغة والاستغلال والتنكيل. العراق اليوم بحاجة إلى تركيز كامل على الذات و بناء القدرات الداخلية، وتقوية الاقتصاد الوطني، وتعزيز الوحدة الداخلية. كلما ركزنا على قوتنا الذاتية، كلما أصبحنا قادرين على مواجهة التحديات وفرض إرادتنا في عالمنا العربي والإقليمي.