23 ديسمبر، 2024 4:28 ص

العراق إلى اين؟ غريق..حريق وموت على الطريق

العراق إلى اين؟ غريق..حريق وموت على الطريق

ربما كانت ترنيمة..نبوءة او دعوة مظلوم خطها الزمن في ذاكرة العراق والعراقيين رسم لهم مثلث الموت الذي لن يغادرهم إلا عندما ترحل ذاكرتهم.
وكلما كانت تطوى صفحة من الالم والانين كانت تفتح صفحات جديدة يملؤها الحزن والوجع والموت. والغريب أن صفحات الآهات والموت اجتمعت في وقت متقارب من زمننا الرديء هذا ولم تعد تمهل الذاكرة او حتى تعطيها وقتا لالتقاط الأنفاس او الاستراحة، فترة مظلمة كالحة السواد نعيشها اليوم في عراق يغرق..يحترق ويموت أبنائه على الطريق، كتاب جميع صفحاته عبارة عن طلاسم لا تقبل الحل ولا تعرف الإجابة لكثير من الأسئلة.
عذرا لهذه المقدمة المتشائمة ولكنها ليست انين شاعر او آهات عاشق ولكنها صرخة ذبيح يحاول ان يفهم الحقيقة قبل أن يموت، ماذا يجري في العراق؟ سؤال لم نعد باستطاعتنا الإجابة عليه، اليوم خبزنا يحترق والبارحة كانت مزارعنا وبيوتنا تغرق وقبلها شهدنا هلاك الثروة الحيوانية والدواجن ثم نفوق الأسماك ومازال مفعول القتل ساريا في بلدنا، ماذا يحدث في العراق؟ وأين الحكومة فيما يحدث أن كانت تدري او لا تدري فهي مصيبة كبرى، اليوم مزارع الحنطة تحترق بفعل مجهول او غير مجهول والحكومة يبدو أن لها (إذن من طين وأخرى من عجين) لأنه لو كانت هناك حكومة قوية وجادة وليست حكومة (فوتوشوب) لأعلنت حالة الطوارىء في البلاد وسخرت كل الإمكانات لمعرفة اسباب افتعال هذه الحرائق او حتى على الاقل تأسيس مجلس أعلى لمكافحة الكوارث بل ان يكون من واجبها حماية الأمن الغذائي للمواطن وإدامة توفير الخبز له وان تكون عقوبة الفاعل المتسبب لهذه الأفعال لا تقل عن عقوبة المتهم بجرائم الخيانة العظمى، ثم ما صعوبة أن تقوم الدولة بتوفير طائرات استطلاع لمراقبة حقول ومزارع الفلاحين ورصد تحركات كل مجهول يقوم بالتخريب المتعمد.
اما عن دور البرلمان في معالجة هذه الكوارث فهو معدوم او هزيل لا يرتقي إلى حجم الكارثة التي حلت بالبلاد، بل إن هذا البرلمان في واد ومصائب العراق في واد آخر. إذ كان من المفروض لهذا البرلمان أن يطالب بعقد جلسات طارئة وليس جلسة واحدة واستدعاء كل القادة الأمنيين والمسؤولين لمعرفة الأسباب وتداركها.
اما الإعلام العراقي فما يتداوله من اخبار عن حرق المحاصيل الزراعية لا تعدو كونها اخبار خجولة تتداولها بعض وسائل الإعلام على استحياء وكأن هذه الكارثة تحدث في كوكب آخر.
الطامة الكبرى أن لا أحد يتحمل المسؤولية فيما يحدث وهذا ديدن السياسة في العراق إذ لا أحد يقول أنا المسؤول، وكل هؤلاء الجمع من حكومة وبرلمان ووسائل اعلام تراهم منشغلون بالصراع الايراني-الأمريكي دون أن يشعرهم عدم الإحساس بالخجل مما يحدث في بلدهم. وكمواطن لا أدعي التنجيم او قراءة الطالع أقول واطمئن ساسة العراق أن لا حرب ستقوم بين أمريكا وإيران لسبب لا يجهله الكثيرون هو أن ساسة طرفي النزاع هم من أصحاب الخبرة السياسية والحنكة والدهاء في التعامل مع الأزمات والظروف الصعبة، وأنهم أبعد مايفكرون فيه تعريض بلدانهم لشبح الحرب، فاتركوهم لشأنهم فهم لا يريدون وساطتكم وقد قالها لكم الإيرانيون بالفم المليان. اما الجانب الأمريكي فهو اصلا لا يعترف بهذه الوساطة. اتركوا قضية الوساطة والتفتوا إلى شأنكم الداخلي وكفى مراهقة سياسية، التفتوا أيها المسؤولون لشعبكم الذي انهكه الحرق والغرق، اهتموا بمصيبة هذا الشعب بدل من اهتمامكم بشؤون غيركم. لقد شهدنا الموت والتشريد ومر علينا الحريق والغريق ومن يدري ماهو الاسوء الذي تحمله قادم الايام علينا.