يقول المثل الصيني الشعبي على ان (المشكلة الوحيدة التي لا توجد حلول لها هي عدم وجود مشكلة) وهذا يعني بأن المشاكل و الازمات مهما أختلفت في نوعيتها و جسامتها لابد ان يكون هناك حل او اكثر من حلول لها لتحويل هذه الازمة الى حالتها الطبيعية و انها دليل على استمرارية الحياة و بالاختلاف في الرؤى و الاتجاهات و ان كان الجميع يشترك بضرورة وضع حد لهذه المشاكل و الازمات بشكل نهائي لكي لاتظهر الى الوجود من جديد .
العراق كدولة مكونة من خليط من القوميات و الاديان و الاطياف المختلفة شهدت العديد من الازمات السياسية و الاقتصادية و الامنية خاصة بعد عام (2003) و تحريرها من براثن النظام السابق في خطوة لبناءها على أسس الديمقراطية التوافقية يشعر في ظلها كل العراقيين بمواطنيتهم تجاه الدولة العراقية و لكن قرارات سلطة التحالف بحل وزارتى الدفاع و الاعلام بكل مؤسساتها أدت الى خلق أزمات اقتصادية و امنية و سياسية وأن عدم وضع الحلول الجادة لها و الأكتفاء بعلاجات تخديرية لما كان يعانى منها العراق كانت السبب في ظهور ازمات اخرى مثل نمو الحركات الارهابية و الاقصاء السياسي و اهمال تقديم الخدمات عمداً الى مناطق متعددة بدوافع طائفية , حتى ان الديمقراطية التوافقية و المحاصصة كانت مسكنات ترقيعية و وقتية لما كان يعانى منها العراق , و ان ما تشهده اليوم نتيجة حتمية لتلك العلاجات التخديرية و عدم حل الازمات بشكل جذرى طويل الامد .
وحتى ان البرنامج الاصلاحي الذي اعلن عنه حكومة العبادي و بارك عليها المرجعيات الدينية و دعمه الشارع العراقي المتلهف الى الاصلاحات كانت تمثل حلول وقتية لما كان يعانى منها العراق عامة و لكن في الاصل ان هذه الاصلاحات كانت بمثابة رد فعل لما يعانيه العبادي من صراع و تحدي داخل حزبه مع غريمه (المالكي) الذي يحكم العراق تحت الستار فانتقلت الازمة من اطار الحزب الى الحكومة و بعدها لم تثمر نتائجها فانتقلت الى اروقة مجلس النواب باعتصام مجموعة من النواب و القيام بانقلاب ابيض على الهيئة الرئاسية بحجج و براهين مختلفة و ترشيح النائب الاكبر سناً لأدارة الجلسة الاولى و بذلك تحولت الازمة السياسية الى ازمة قانونية و دستورية و اصبح مجلس النواب ساحة الصراع بعدما كان مكاناً لتطويق الازمات و انتهى مشوار الاصلاح المزعوم الى انتهاكات قانونية و دستورية منها ان رئيس السن يكون للجلسة الاولى لمجلس النواب بعد الانتخابات و ليس لجلسة المعتصمين كما فعلوا . و ان سلسلة الازمات لاتقف بل كل واحدة منها تلد اكثر من ازمة و هذا يعود الى عدم واقعية اصحاب القرار عند وضع الحلول و الاكتفاء بحلول تخديرية وقتية و من أجل ارضاء جماعات الضغط سواء في الشارع او في
المؤسسات … و ان الاتى من الازمات لايكون اسهل و اخف معاناةً على الشعب العراقي لان معالجتها بمسكنات لا تنهيها او تجعلها تحت السيطرة بل سيكون مصدراً لظهور اخرى اكثر فتكاً و انتشاراً بل تأثيراً على حياة المواطنين و يكون حلها أصعب و تحتاج الى جهود أكبر .
و ان ما يشهده الاقليم كجزء من العراق وفق القوانين و الدستور من ازمات سياسية و اقتصادية من قطع الموازنة و الرواتب و عدم تسليح قوات البيشمةركة لمقاتلة (داعش) هي في الاصل نتائج لأزمات سابقة كانت موجودة او اختلقها الحكومات العراقية مع الاقليم و لم تقم بالاجراءات اللازمة لحلها و وضع نهاية لمأساتها منها عدم الاعتراف بقوات البيشمةركة كقوة نظامية و جزء من المنظومة الدفاعية العراقية و القيام بالخطوات المبينة في المادة (140) من الدستور العراقي لعام (2005) من تطبيع و احصاء و استفتاء لاسترجاع المناطق الكوردستانية خارج اقليم كوردستان و كذلك المحاولات العديدة لاقصاء الكورد من العملية السياسية في العراق و التقليل من وزنه في صنع القرار السياسي في بغداد وأخيراً ما شهدته قضاء طوزخورماتو من احداث دامية في 23/4/2016 راحة ضحيتها العديد من الارواح كانت نتيجة عدم وضع حلول جذرية للأزمات التي كانت تعاني منها بل الاكتفاء بحلول وقتية ومسكنات .
و اخيراً فالازمات لاتنتهي بالحلول التخديرية و العلاجات الوقتية و ستكون مصدراً لأزمات اخرى إلا أذا وضعت الحلول الجذرية لها .