22 نوفمبر، 2024 7:48 ص
Search
Close this search box.

العراق ، بين عبدالغفار العباسي وابو علي الشيباني ..!

العراق ، بين عبدالغفار العباسي وابو علي الشيباني ..!

كان الظلم في العراق له حد فاذا أُعتقل شخص سياسيا فانه يعرف انه (اما منتمي لحزب محظور او فكر مضاد للحاكم المستبد) او انه فعلا يعمل لدولة اجنبية او في الأقل تكلم او اعترض على سياسة الدكتاتور بطريقة لايقبلها النظام .! وكان توقع ماسيحدث له من عقاب ، امر سهل ومعروف وطرق الوصول اليه بالقانون او (بالتوسط الشخصي) ايضا معروفة ،واذا كان سيواجه عقوبة الموت فغير مفاجيء ايضا، وهناك ممهدات لذلك واجراءات معقدة .ما عدا هذا ، اذهب وعش مقيدا بسلام وامان، ورتب حياتك وحياة اولادك واحفادك بطرق مضمونة ومستقبل مفهوم (سلبا او ايجابا)

في العراق اليوم لاتدري هل اعتقلت سياسيا ام جنائيا ؟ هل اختطفت ام اعتقلت ؟ واين اختفى المعتقل ومتى سيظهر هزيلا محطما او جثة هامدة ؟! هل قطع معاشك طائفيا ام وظيفيا ام مزاجيا ام كيديا! هل تتجنب السفر الى النجف ام تتحاشى السكن في الفلوجة ! هل قضت على ولدك المدرسة الحكومية ام قضت على اموالك المدرسة الاهلية ! هل مرضك من تلوث البيئة ام تلوث الماء ام تلوث المستشفى الذي لابد لك من مراجعته ،ام الضغط النفسي والقلق والحيرة ؟ ام انك لست مريضا اصلا وانما هو تشخيص طبيب مزور او علاج صيدلاني مغشوش ..!

لاتدري هل البناء المتروك امام عينيك لسنوات والشارع المحفور لمواسم هو مشروع طويل الأمد ام تلكؤ لا زال يعلله لك المطبلون للمسؤول ؟ ام هو صفقة فساد اختلف عليها السياسي والمقاول والمهندس ،وتنتظر جلسة (سكر) تجمعهم على مودة ، ودعاء ام صالحة لتحدث تلك السهرة “المباركة” وتنتهي معاناتك.

كان المعلم فقيرا ومحترما وله دور والان (ميسور ومهان )، ومهمش لصالح القرارات الارتجالية لوزراء تربية لاتربية لهم ولايدرى من مركز القرار ومن الذي يجب ان يُتبع ..!

كان المواطن لا صوت له ولاينتخب ولكن المسؤولين اكفاء ومدنيين وغير طائفيين بل لاندري ماطائفتهم! لانعرف كيف يتم ذلك ! ..لانه لاحول ولاقوة لأحد فيه ولكن “بالبخت” يبدو!

واليوم نتفحص ونقرأ السيرة الذاتية ونتدارس اختياراتنا ثم ننتخب ونقرر ..ونعود لنجد رجلا غريبا عن الحي والمدينة هو الذي فاز والآخر الفاشل المرتشي اصبح وزيرا !!

كانت المرأة في العراق مقيدة ومحترمة ومثلها فلسطين والامة العربيه والدين الاسلامي والمسيحي والصابئي والقوميات ..وكل الرموز ، اليوم ليس هناك معاني مفهومة لهذه المسميات ..من هي المراة ؟ هل هي “الولد” الذي تحول الى أنثى تصرفا وملبسا واهتماما وفيزيائيا ايضا !؟ ام الأنثى التي تحولت الى رجل او التي تصارع لأجل ان تكون رجلا ام التي تهان خارج البلد او تعتقل داخله وتشوه صورتها بتغيير هيئتها وتقليل حرمتها وانتقاص انوثتها! وما هو الاسلام ومن الطرف المسلم ؟ واين المسيحيون وكيف الايزيديين ومن الصابئة !

كانت الاجيال تربطها ذكريات المناهج والانظمة المدرسية فعندما يكبرون يتذاكرون ويحنون الى بعضهم والى من وبخهم من صالح المربين ويستذكرون جملة من منهج او موضوع من استاذ او تجربة من مختبر عندما يلتقي ابن البصرة بابن اربيل والموصل في الجيش لخدمة العلم ..وكأنهم كانو بمدينة واحدة بل بمدرسة واحدة !!

اليوم يغير الوكيل المنهج صباحا ويطبع ويوزع ثم يلغي الوزير الامر ويوزع منهجا جديدا بعد شهر.. ثم الوزير الجديد بمنهج جديد والمدرس المعين فوضويا يبتكر منهجا ايضا والمدير المتحرر من المركزية الغير خاضع ولا خائف من رقابة سلطة يجتهد لطلابه ايضا والمشرف الغير مستحق لمكانه يفرض مزاجيا ويقول لاعلاقة لي بالمدير العام والمدير العام يصدر امرا يلغيه رئيس قسم وينفذه آخر ، ومدير مفصول او منقول مستمر بالدوام لانه مازال يحاول العودة الى منصبه الذي مازال يشغل كرسيه بعد ان رفعت يده لفساده! والمدير الفاسد الجديد جالس في البيت الى ان تنجح كتلته او حزبه في تثبيته ..وإزاحة الفاسد القديم! والموظفون يجتهدون في ابتكار نظام معين او يتبعون هذا او ذاك !

فلا جيل من الطلبة يعرف الجيل الاخر عندما تمر السنين ولا رابط بينهم “ولاخدمة علم” اصلا ! ..غرباء عن بعضهم كأن كل واحد منهم ينتمي الى جنسية اخرى !

حتى الاسفاف كان له حد ..فلما خرج عبد الغفار العباسي على الناس عبر شاشة التلفزيون في برنامج “ديني” كان الرجل شيخا خريجا واماما لمسجد في الاقل وكان الناس يستنكرون ويتندرون لقلة علمه او لضعف اسلوبه واختياره من دون اقرانه المتمكنين، واكبر المآخذ عليه انه كان يتسامح في الأحكام عند الرد على سؤال ويبتسم ويتلطف مع النساء وليس عليه وقار الشيوخ المعهود..وكنا لهذا نلوم الزمان ونتخوف العاقبة والخسران .

اليوم خرج علينا ابو علي الشيباني من قناته وتناقل العرب كذبه الفاحش ومبالغاته ، بتكهناته المخزية وتنبؤاته المزرية ،ومثله كثير ، ولا رادع من كبير، ولا وازع من ضمير.. فصيرونا مضربا للامثال وشاهدا للاقوال ، حتى صرنا للنكتة والكذب والتهويل والدجل مثال ، والحمد لله على حال، والى الله المشتكى والمآل . وانتهى المقال.

أحدث المقالات