ان مايجري على الشعب العراقي من اضطهاد وتعسف وتجويع في كل الازمنة سواء في زمن الحكومات الاستبدادية ام الديمقراطية هي حرب متعمدة فتراه الوحيد الذي يتحمل الوزر الاكبر والحمل الثقيل من اعباء الوطن ومعاناته ومع كل هذا تجده كلما اراد ان يتقي المشاكل ، ويتجنب المصائب تجدها تسعى إليه سعيا أينما حل ، حتى بات يردد المثل الشعبي “لا داعي .. ولا مندعي” فكلما حلت مصيبة بهذا الوطن جراء سياسات حكامه الخاطئة اتجهت انظار الجهابذه القابعين منذ امد طويل في اماكنهم الاستشارية للتخفيف من هول تلك المصيبة على السلطان الى استخدام اقصر الطرق وهي قطع قوت المتقاعدين والموظفين وكأنهم السبب الرئيسي في تخريب اقتصاد البلد ، وليست السياسات الاقتصادية الفاشلة التي رسمها هؤلاء العباقرة ، لكي يملئوا خزينة الدولة من جيوب هذه الطبقة الفقيرة ،حتى ايقن الشعب ان سعر برميل النفط ارتفع ام انخفض سيضطر مرغما الى دفع الضريبة في كلتا الحالتين كما فعل القاضي في زمن العصملي الذي كان لايعين في المدن الكبيرة إلاّ برشوة يقدّمها لمن بيدهم أمر تعيينه وكان أهم ما يسعى إليه القاضي بعد تعيينه هو أن يقوم بجمع مبلغ الرشوة ، التي قدّمها عند تعيينه ، ثم جمْع مايمكن جمعه من المال من الرشاوي التي يجمعها من الناس ، وفي ذات يوم ، قدّم أحد القضاة رشوة كبيرة ، فعيّن قاضيا في بغداد ولكنه ما لبث أن نقل إلى إحدى المدن الصغيرة في شمال العراق وكان أهل تلك المدينة من الناس المستورين الذين يتجنّبون المشاكل ، وينزّهون أنفسهم عن العداوة والبغضاء فلم تكن هناك دعاوي تُرفع ، ولم يكن هناك داعي أو مندعي يتقاضى القاضي منهم مايقدر عليه من الرشوة ، فحار في أمره ، ولم يعرف كيف يخرج من ورطته ، وفي ذات يوم تفتّق ذهنه عن حل سديد فطلب من حاجب المحكمة أن يقف بباب المحكمة ، ويُدخل إليه أي رجل يمر أمام المحكمة فكان الرجل إذا ما أُدخِل إلى المحكمة يسأله القاضي : ” إنت داعي ؟” فيجيب الرجل : ” لا .. يامولانا القاضي .. آني ماعندي دعوى على أي شخص ” ، فيسأله القاضي : ” هل إنت مندعي ؟ ” فيقول الرجل : ” لا .. يامولانا القاضي .. آني إنسان مسالم .. ماعندي عداوة ويه أي شخص .. وما أحد إله دعوى ضدي ، فيقول القاضي لكاتب المحكمة : ” هذا الرّجّال خوش آدمي .. لا داعي ولا مندعي “.. إكتب له شهادة .. وأخذ منه ليرتين رسوم الشهادة .. ” ، وبهذه الطريقة راح القاضي يجمع المال الحرام من الناس لتعويض مادفعه ثمنا لمنصبه ، واليوم يتكرر المشهد مع المتقاعدين والموظفين في عراقنا فبعد الضائقة المالية التي يمر بها البلد جراء تبديد ثرواته من قبل حكامه المتعاقبين بقرارات تضمن مكاسبهم السياسية والبقاء في السلطة ابد الدهر اتجهت الانظار اليوم لقطع رواتب هذه الشريحة لتعويض خزينة الدولة الخاوية …!!!
مازالت شماعة تراكمات الاخطاء السابقة يكررها كل من تسنم المسؤولية في دولتنا العراقية ويسعى لتسويقها اعلاميا وكأنه اول من اكتشف ” حساء عدس” ومؤكد ليس الذي وزعته حكومة عبد المهدي ضمن حصة البطاقة التموينية ، ولم يخطر بباله انها باتت مستهلكة لدى عامة الناس لانهم اتخموا من هذه “الكلاوات ” بالمقابل لم يكلف نفسه بمحاسبة من تسببب بهذه الاخطاء لكي يصبح مايقوله افعال على ارض الواقع لااقوال لاتغني ولاتسمن من جوع بات يلاحقنا وزاد انه “متبل ” بكورونا الذي تسلل إلى الحكومة والبرلمان وأخذ يفتك بشعبنا وانتشر كالنار بالهشيم ولم يقف عند هذا الحد بل زادت معه حسرات المودعين لاعزائهم الذين قضوا بفيروس كورونا اللعين وهم يلوحون لتوابيت أحبتهم من بعيد بسبب الواقع الصحي المزري وفقدان حتى الاوكسجين، لتأتيك تبريرات قطع رواتب المتقاعدين غير المتطابقة مع مااعلنته دائرة التقاعد العامة ناهيك عن مخالفتها لكل القوانين والاعراف الاجتماعية ولكن الغريب وكأن برلماننا العتيديعلم خفايا الامور ” بربه الشاطر اعظم ساحر ” سارع برفضه لهذا الاستقطاع ليقدم نفسه للشعب بأنه المنقذ لهم في الملمات متناسيا انه السبب الرئيسي فيما يجري اليوم فهو صاحب القرارات التي جعلت الفقراء والمتقاعدين والموظفين اليوم ضحية اصحاب الرواتب المزدوجة والرفحاريين وابناء الرفيقات والمهاجرين والانصار لتكرر مأساة العراقيين في زمن الديمقراطية التي تشباه برائحتها رائحة البيضة “الفاسدة”..؟؟؟
بات على الكاظمي ان يعمل وبكل قوة لاعادة هيكلة اغلب قرارات السلة الواحدة التي اقرتها الحكومات السابقة ، والتي وظفتها لاغراضها الانتخابية وتجنيد انصارها وبالتالي انهكت خزينة الدولة وجعلتها دائما ماتتعرض للاستجداء ، لانها اصبحت ضرورة ملحة فهي لاتعدوا كونها صفقات سياسية لم تراعي حقوق اغلب ابناء الشعب بل على العكس أتخمت جيوب المتنفذين على حساب الاغلبية الصامتة ، واليوم الشعب ينظر اليها بعين الترقب املا منها تنفيذ تلك الخطوات ، فما اعلنه مستشار الكاظمي هشام داوود ، من إن الحكومة الجديدة استلمت من حكومة عادل عبد المهدي السابقة، خزينة خاوية ولا يوجد فيها سوى 300 مليون دولار ، يتطلب التحرك عاجلا لانقاذ البلد من خلال وضع خطط اقتصادية متواصلة واشراك الكفاءات في ايجاد الحلول الناجعة لهذه الازمة وضرب حيتان الفساد وتقليص النفقات وايقاف الأموال المهدورة عبر المنافذ الحدودية فضلا عن اشراك القطاع الخاص في القرارات ولجم الاصوات المنادية بعودة مجالس المحافظات التي تسببت بهدر كبير للمال العام والاهم من كل هذا وذاك فتح تحقيق عادل وشفاف مع المستقيل عبد المهدي لمعرفة مصير اموال خزينة العراق لانه الوحيد من يتحمل ما وصلت إليه الأوضاع المالية في الوقت الحاضر لا ان تبقى مجرد تصريحات خاوية هي الاخرى ليدفع بالتالي ضريبتها الفقراء والموظفين ،الذين لا ناقة لهم فيما يجري ولا جمل، ويبقى السؤال المحير الذي لا إجابة له .. هل سيتكرر مشهد زمن العصملي ويعود العراقي يدفع الثمن بلا داعي .. ولامندعي .. أم ان هناك إجراءات حقيقية وليست مجاملة كما قالها الكاظمي..والله من وراء القصد…!!!