منذ سبعينات القرن الماضي ومنذ ان قامت ذاكرتنا بخزن الاشياء فنحن جيل الستينات لم نخزن في الذاكره سوى اخبار القتل والجوع والدمار…
اذكر اول شخص شاهدته ملفوف بعلم العراق وقد أتو به من وحدته العسكرية كأول شهيد تخزنه الذاكرة ومن حينها عرفت ان الموت واحد ولكن مسميات الميت انواع فاذا كان الميت مقتولا اثناء الحرب يسمى شهيد كونه دافع عن وطنه واذا كان الميت مريض ودنا اجله فيقولون متوفي واذا كان غير ذلك من القتل خارج واجبات الدولة فيسمى قتيل وهكذا استمر الموت بكل طرقه ومسمياته يحصد ارواح الالاف من ابناء شعبي المسكين وقد اضاف لنا رجال السياسة صفة جديدة للموت ومسمى آخر فكل شخص يعارض انظمة الدولة ويخالف اوامر كرسي السلطان يعدم ويسمى خائن وهكذا تعددت الاسماء والموت واحد….
في ثمانينات القرن الماضي وفي حرب الخليج الاولى دفع العراقيين اكثر من مليون شخص وقود لهذه الحرب الطاحنة وبعد انتهائها توقفت عجلة الموت قليلا لتبدأ من جديد في حرب الخليج الثانيه… وما إنتهت حتى دخل شبح الجوع بعد الموت بسبب حصار اقتصادي جائر اقامته علينا دول العالم بحجة تخبط سياسات الدولة ولكن الحقيقة هي حكم القوي على الضعيف…
ومن حينها لم تعمل البنى التحتية للعراق بصورة صحيحة فتحطمت عجلة الحياة ومازالت تسحب انفاسها… وبعد الالفية الجديدة استبشر العالم بالخير الا شعب العراق حيث اجتاحت امريكا البلاد بجيوشها ومعداتها العسكرية وشجعوا الطائفية في العراق الامر الذي استغلته دول الجوار كمنفذ لدخول العراق بحجة الدفاع عن المصالح ولكن الحقيقة تقول عكس ذلك.. لقد اشتد الصراع بين ابناء الشعب الواحد تحت مسميات لم تكن موجودة قبل الاحتلال الامريكي فاستمر القتل يرافقه سرقة للمال العام في وضح النهار وبطرق قانونية ملتوية فدخل العراق في دوامة جديدة واصبح القاتل والمقتول عراقيين في الجنسية… كل هذه الحروب والدمار التي حلت بالبلاد قدرت اثمانها بالاف المليارات من الدولارات اضافة لاكثر من مليونين عراقي ذهب ضحيتها… ومازال لحد كتابة هذه المقالة وانا اسمع اخبار القتل وكان الله سبحانه وتعالى اختار دماء هذا الشعب الصابر لتكون اضاحي لسكان الكرة الأرضية بسبب تخبط السياسة لقادة الدولة منذ تأسيسها ولحد الان… وبسبب امتلاك العراق للثروات الطبيعية وفي مقدمتها البترول والذي اصبح نقمة وليس نعمة للعراقيين….
لقد دخلنا في مراحل متقدمة من العمر ولم نرى يوماً شعب هانىء بحياته مستقر في اوضاعه الاجتماعية والاقتصادية.. فالى متى يبقى العراقيين كبشاً للفداء يدفعون الدماء والارواح في حروب لاناقة لهم فيها ولاجمل ذنبهم الوحيد ان الله خلقهم في هذه البقعة الدموية من الكرة الأرضية وانهم يعيشون تحت رعايات حكومات لاتعرف من السياسة شيء سوى سياسة القتل والدمار والخوف والرعب وسرقة المال العام…
اعاننا الله على مصيبتنا واخمد فتنتنا بيننا واختار لنا رجلا رشيد لقيادتنا بعيدا عن سياسة القتل والعنجهية والدعوة الى السلم والاستقرار اسوة بغيرنا من الدول العربية الاخرى والتي تنعم بالامن والامان ادامها الله عليهم…….