23 ديسمبر، 2024 5:53 ص

العراقيين بأنتظار الحلم بأنتظار من ينقذهم؟

العراقيين بأنتظار الحلم بأنتظار من ينقذهم؟

العراق ليس بلدا عاديا وشعبه ليس كذلك أيضا، فالعراق هو (عرق) الكرة الأرضية! وقد حباه الله بخيرات كثيرة جعلته مركز أهمية وأستقطاب وطمع كل شعوب الأرض منذ فجر التاريخ. ولا نعتقد أن هناك أرضا على وجه الدنيا كلها أعطيت لها كنوز وخيرات كما أعطيت للعراق، فأن ثلثي خزائن الله هي في أرض بابل!، فهي أرض الأنبياء آدم ونوح والأئمة الأطهار والرجال الصالحين عليهم جميعا افضل السلام. وعلى مر التاريخ عرف حكام العراق بالبأس والقوة والهيبة والسلطان، ودائما ومنذ فجر التاريخ بقدرما كان يمر العراق بحالة من التألق والأزدهار ثم ينتهي الى حالة من الخراب والدمار والحروب والكوارث!، ولكنه وهذا هو سره! يعود لينهض من جديد كطائر العنقاء. فالعراق ومنذ ثمانينات وتسعينات القرن الماضي وصولا الى أسوء حالاته بدخوله الى غرفة الأنعاش والعناية المركزة منذ عام 2003 ولحد الان!هو في حال لا يحسد عليه حيث يمر بمرحلة الخراب والدمار والحروب، وبفترة أختناق مظلمة داخل نفق الأضطراب السياسي والطائفي والأجتماعي الذي لا يعرف له أنتهاء في المستقبل القريب ولا وجود لأي بصيص أمل قي ذلك!، فمنذ أن دفعت به الأقدار وتشابكت عليه الأعصر وأجتمعت عليه مصالح الدول الكبرى ودول الجوار والدول الأقليمية, بأسقاط النظام السابق، وأصبح رهين سطوة الأحتلال الأمريكي وباقي دول الجوار، وبعد مرور (14) عام على ذلك الحدث الكبير، أنقلبت حياة العراقيين رأسا على عقب وتردت أحوالهم أكثر من ذي قبل وصاروا عنوانا، للفقر، والجوع ، وأنتشار الأمراض بسبب تردي الواقع الصحي ، والهجرة ، والموت ، والخوف ، والبطالة المخيفة التي وصلت الى حدود50%!، والشعور بالغربة وهم في وطنهم!، والحروب الداخلية، والتناحر الطائفي الذي لم يألفه العراقيين من قبل، والتمزق المجتمعي، وتردي في كل الخدمات، وأهمها الكهرباء حيث لازالت لا تتعدى طاقتها الأنتاجية أكثر من 35% ، وأنهيار البنى التحتية الى حد الصفر، وأنتشار الفساد بكل أنواعه، وأنتشار المخدرات بشكل مخيف ومرعب وخاصة في محافظات الوسط والجنوب، (محافظة البصرة تتصدر كل محافظات العراق بأنتشار المخدرات، حيث وصلت نسبة انتشارها الى حدود 60% بين الشباب!)، وكذلك ضعف في التعليم ، وأنتشار الأمية والجهل، والأهم من ذلك والأكثر ألما هو سقوط هيبة الدولة، وضعف الحكومة،بعد أن أصبحت القوانين العشائرية هي البديل عن قوانين الدولة وأنظمتها وأحكامها!، وتفشي المحسوبية والمنسوبية بشكل مرعب ، وسيطرة الأميين والجهلة على غالبية المناصب الهامة في كل القطاعات الحكومية منها والخاصة، وتفشي الفساد الأداري، وأنتشار الفصائل المسلحة(المليشيات) العائدة للأحزاب الحاكمة والتي وصلت الى أكثر من (72) ميليشيا فرضت سيطرتها وسطوتها على مفاصل الدولة وعلى كل مفاصل الحياة بشكل عام.والطامة الكبرى في كل ما ذكرناه آنفا هو ضعف الحكومة الى حد أستسلامها لواقع الفوضى ووقوفها موقف المتفرج على كل ما يجري!، فرئيس الحكومة الحالية الذي يعد الأضعف على مستوى رؤوساء العالم!!، لا يجيد غيرعقد المؤتمرات الأسبوعية مع وسائل الأعلام!،وما كثرة الكلام في هكذا مؤتمرات وما قلة الفعل! حتى أن الكل بات يعرف ذلك، حتى بات العراق البلد الأسوء في العالم حيث يتذيل قائمة الدول الأكثر فسادا وأمنا وتلوثا وسعادة! حسب أحصائيات المنظمات المختصة. نقول: أن أستتباب الأمن وفرض سلطة الدولة والقانون وعودة الحياة ودوران عجلتها بشكل طبيعي لا يأتي ألا بأصدار قرارات رادعة وقوية تأخذ حيزها بالتطبيق الفعلي على الواقع لا أن تبقى مكتوبة على الورق أو تخرج بتصريح من هذا المسؤول أو ذاك ، فغالبية العراقيين بكل شرائحهم وأطيافهم ميالون بل يرغبون ويتمنون ويطالبون الى حسم الأمور بشيء من القوة حتى تستتب الأمور ويشعر الناس بالأمان وأنهم يعيشون فعلا في ظل دولة وقانون وعلم!. فالقوة مطلوبة والقرار الرادع مطلوب وتنفيذه على الواقع بكل حزم مطلوب أكثر. أن طبيعة النفس البشرية تميل لفعل السوء أذا لم تجد من يردعها ( بسم الله الرحمن الرحيم… النفس أمارة بالسوء ألا ما رحم ربي) صدق الله العظيم. من جانب آخر أن أختلاط الأوراق وتداخلها في عموم صورة المشهد العراقي جعل من الصعب التمييز بين الصوت الوطني العراقي الصادق وبين الأصوات التي تنادي من أجل مصالح شخصية وحزبية وفئوية ضيقة! وخاصة في ظل الحملة الأنتخابية المبكرة التي بدأتها الأحزاب السياسية؟.فكل قادة الأحزاب السياسية يتكلمون بأسم العراق وشعب العراق، وهم من ذبحوه من الوريد الى الوريد منذ عام 2003 ولحد الآن!. ولو سئلت أي عراقي الآن في الشارع عن رأيه بطريقة أداء الحكومة أزاء الكثير من ملفات الشأن العراقي لسمعت الجواب يأتيك بسرعة، عليهم بالقوة ولا غيرها لحسم الأمور وأستتباب الوضع العام. فالوضع العراقي الآن مشحون بجملة من المشاكل والأختلافات والتداخلات السياسية( الدولية والأقليمية والعربية والمحلية)، وكذلك الأجتماعية والأقتصادية والأمنية ولن يستقر له مقام ما لم تكن هناك قرارات رادعة وقوية ولغة خطابية عنيفة! نابعة من عمق الجرح العراقي الكبير، تدعو فيه الجميع بضرورة الأمتثال لصوت ونداء العراق وتتوعد المخالف بأقصى العقوبات، أيا كان ذلك المخالف ومن أي عشيرة او حزب أو مذهب، ومهما كانت تلك المخالفات صغيرة أم كبيرة. فاللغة الشفافية والهادئة وكثرة الحوارات لم تأت بنتائج مرضية لحد الآن بل زادت الأمور تعقيدا. فالعراقي يحتاج الى التعامل بالقوة وعلى أقل تقدير في هذه المرحلة فكثرة سماع الأراء والطروحات والأخذ والرد ليست بالضرورة أن تكون حالة صحية! بل أنها في آحايين كثيرة تؤدي الى مزيد من الأرتباك وخلق الفوضى وضياع المركزية التي نحن في أمس الحاجة أليها للحفاظ على هيبة الدولة . فهناك فرق واضح بين أستعمال القوة بالباطل لأجل أرهاب الناس وأشاعة الذعر بينهم وبين ان تستعمل القوة لأجل أحقاق الحق والحفاظ على مصالح الشعب والوطن. وأذا كان رئيس النظام السابق قد فرض السلام والأمن في العراق بالقوة المفرطة الظالمة لكبح جماح معارضيه من القوى السياسية والتيارات الوطنية الخيرة ، فبأمكان الحكومة الآن أن تفرض السلام والأمان بقوة أكبر بضربها على أيدي العابثين والفاسدين وسراق المال العام وأعداء الشعب والوطن والذين يريدون أستمرار الفوضى والخراب ونزيف الدم بالعراق من أجل مصالحهم الشخصية،هؤلاء الذين ألبسوا الباطل ثوب الحق وتستروا بالدين تارة وبعباءة حقوق الأنسان تارة أخرى. كما أن سياسة مسك العصا من الوسط في مثل هكذا ظروف وتداخلات ومزايدات سياسية ودينية بأسم الوطن والشعب، أمر فيه صعوبة كثيرة قد لا تحقق النتائج المرجوة. نحن نعي صعوبة الوضع التي تعاني منه الحكومة والضغوط التي تمارس عليها داخلية كانت أم خارجية! ولكن مصلحة الشعب والوطن هي أمانة في رقاب كل السياسيين وكل الحكومات التي قادت البلاد من بعد سقوط النظام السابق ولحد الآن ويجب أن تبقى بالأعتبار الأول وفوق كل شيء.أن الفساد المالي والأداري هو أحد أوجه الأرهاب وأكثرها خطورة، بل هو حاضنة الأرهاب وملاذه الامن! فالأرهاب والفساد المالي هما وجهان لعنوان واحد هدفه خراب الوطن ودمار الشعب. صحيح أن الحكومة تركز جل همها على محاربة الأرهاب لأستعادة بقية الأراضي المغتصبة من قبل مجرمي داعش ألا أن هذا لا يعطيها العذر عن حالة فلتان النظام في الشارع والفوضى العارمة في كل شيء وفي كل مرفق من مرافق الدولة . فعلى الحكومة أن تحرك نفسها بعض الشيء وتقوم ولو بأصلاحات بسيطة في تقديم الخدمات للمواطنين لحين المباشرة بالأعمار الكامل. فالفوضى وعدم الألتزام بالنظام وأستمرار الفساد المالي الرهيب وشيوع الظلم بأقسى صوره كلها تؤسس لأرضية وتخلق أجواء مناسبة لأستمرار الأرهاب. السؤال هو: ماذا ينتظررئيس الحكومة؟وهنا لا بد من التوضيح (ان رئيس الحكومة فشل مرة أخرى! فلم يستفد من أجواء النصر التي تحققت بأعادة الموصل من أيدي مجرمي داعش والتي أعادة للجيش العراقي هيبته وقوته، والتي أعطت للحكومة ورئيسها تحديدا شيئا من الثقة!،ليلتفت الى الداخل ويضرب على أيدي العابثين والفاسدين وكل الخارجين عن القانون، كما فشل بالأمس عندما لم يستفد من تفويض الشعب والمرجعية الرشيدة له بضرب الفاسدين وتقديم حيتان الفساد للقضاء). نعود بالسؤال، ماذا ينتظر رئيس الحكومة؟هل ينتظر ما ستفرزه نتائج الأنتخابات القادمة في نيسان 2018؟!!، وهنا لابد الأشارة بأن غالبية العراقيين لا يأملون خيرا بما ستفرزه نتائج الأنتخابات القادمة!. ام ينتظر ان يرسل له الله عز وعلا طيرا أبابيل وجنودا ليساعدوه بضرب الفساد والفاسدين؟ نعود للقول لرئيس الحكومة ألا يرى أن العراق سائر الى مزيد من الخراب ووصل الى مرحلة الأحتضار حيث لا زالت سكاكيين الغادرين تطعن به يمنة ويسرة!. الوقت يمر بطيئا على المواطن الذي ينوء تحت ضغط كبير وجملة من المشاكل والأزمات لا حصر لها. ولكن رغم كل هذه الخيبات وأجواء اليأس التي تحيط بالعراقيين من كل جانب!، ألا انهم لا زالوا يتمسكون بالأمل فما زال للزمن بقية كما يقال. والعراقيين ما زالوا يحلمون وينتظرون الرجل القادم! هل سيأتيهم من خلال صناديق الأقتراع رغم يأسهم من ذلك؟!، أم سيأتيهم من وراء السحابظ؟! أم سيخرج أليهم كالمارد الجبار من تحت ركام الألم والجرح العراقي ويقلب كل الحسابات الدولية والعربية والأقليمية وكل المؤمرات! ويعيد للعراق هيبته وللمواطن كرامته وأمنه. فهل سيتحقق الحلم وكم سيطول الأنتظار؟