23 ديسمبر، 2024 4:16 م

العراقيون وشيطان ألآنتخابات والمخاض العسير

العراقيون وشيطان ألآنتخابات والمخاض العسير

كانت السياسة نعمة على بعض الشعوب , ولم تكن كذلك على العراقيين وتاريخ السياسة في العراق يشهد على ذلك والمقاربة لاتبدأ من تاريخ الدولة العراقية الحديثة مع فيصل ألآول المطرود من مكة والمستعمل بلعبة ألآمم التي كان يديرها ألآوربيون حتى أصبحوا تابعين للاعب ألآمريكي الذي يحل وزير حربه ضيفا على الخليجيين المرعوبين من الجار ألآيراني الذي يدير بمهارة ملف المباحثات النووي , ولم يكن نوري السعيد القادم من تركيا العثمانية بعيدا عن أدوات اللعبة الدولية وما رغبته العارمة في ربط العراق بالعرش البريطاني تعبر عن خيانة بمقدار ماهي تعبير عن وعي مدجن وفهم لم يتصل بنبع الثقافة التي تضع ألآشياء في أطارها الصحيح وتلك هي ثقافة السماء ذات المرجعية الكونية التي تتماها فيها الموجودات بما يحقق السلام والوحدة في أطارها الكوني الموحد .

أن التراجع والتخلف عن مرجعية السماء لم يكن من نصيب من أسسوا الدولة العراقية الحديثة فقط ولا من نصيب من جاءوا في الهجرة العربية ألآولى في التاريخ وهم جذيمة ألآبرش وجماعته وأهل الحيرة الذين سكنوا العراق بناء على توصية العرافة العربية ” طريفة الخير ”  بعد خراب مملكة سبأ بسيل العرم الذي قال عنه الشاعر :-

ولا تستهن كيد الضعيف فربما ..

                  تموت الافاعي من سموم العقارب

وذلك اشارة الى الرواية التي تقول : أن فأرا قد هدم سد مأرب ؟

أن التراجع والتخلف عن مرجعية السماء كان من نصيب قبيلة جرهم التي تزوج منها نبي الله أسماعيل بن أبراهيم الخليل الذي قال تعالى عنه : ” وجاهدوا في الله حق جهاده هو أجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم أبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس ” .

وكذلك كان من نصيب العماليق ومن نصيب قبيلة خزاعة ثم من نصيب قبيلة قريش حتى تم الفتح ألآسلامي الذي أسس لآخلاقيات بدأها الرسول “ص” مطأطأ رأسه عند دخوله مكة أحتراما للكعبة المشرفة , ثم كان خطاب ردوا ألآمانات الى أهلها وهو خطاب قرأني ” أن الله يأمركم أن تردوا ألآمانات الى أهلها وأذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل أن الله نعما يعظكم به أن الله كان سميعا بصيرا ” – 58- النساء –

وأذا كان بعض المفسرين يعتبر رد ألآمانة محصورا في قيام النبي محمد “ص” برد مفتاح مكة الى عثمان بن طلحة حين قبض منه المفتاح عند الفتح , على أن القسم ألآخر من المفسرين أعتبروا ألآمانة مقصودا منها ولاة ألآمر وتسليمهم أمور العباد كما أمروا واحدا بعد واحد تبعا للنص  , والبعض ألآخر أعتبرها عامة في كل أمانة , وعليه فأن ألآنتخابات العراقية من تلك ألآمانات المطلوب تأديتها بأمانة وهذا ما لم يحدث , ومظاهر عدم ألآمانة في ألآنتخابات العراقية كثيرة منها ما لمح وصرح به بعض ألآطراف وهم متورطين بعدم ألآمانة لترشيح بعضهم المزورين والمرتشين ومنهم من سمح لآقاربه أن يستغلوا المال العام في الدعاية ومنهم من أحتكر التعيينات للموالين له ومنهم من جعل توزيع قطع ألآراضي وسيلة للدعاية ألآنتخابية هذا فضلا عن توزيع المال علانية مع أحتكار وسائل ألآعلام العامة والخاصة , ناهيك عن تأجيج العامل الطائفي في مجتمع مسكون بالعاطفة السطحية , ومنهم من رفع راية المرجعية دون موافقة المرجعية بذلك , هذا فضلا عما أشيع أخيرا من وجود محاولات لتبديل وتغيير نتائج بعض القوائم لصالح من دفعوا رشا مالية كبيرة وصل بعضها الى ” 300 ” ألف دولار ؟

وهذه المظاهر كلها تعبر عن معنى شيطان ألآنتخابات ومخاضاتها التي تورط بها جميع من شارك فيها لاسيما من أحزاب المحاصصة والسلطة التي شاع سوء عملها ورداءة تصرفها من يوم التوقيع على رواتب تقاعد النواب التي رفضها الشعب , ثم كان عدم تصديق موازنة عام 2014 دليلا على فشل أحزاب المحاصصة يضاف الى فشلهم في أدارة مؤسسات الدولة وتفشي الفساد في مفاصلها بشكل يستعصي على العلاج دون تغيير جذري يشمل واجهات ألآحزاب من رؤساء ومساعدين لهم , والشروع ببناء قاعدة شعبية جديدة على ضوء مفاهيم حقوق ألآنسان والعدالة التي رسمت معالمها مرجعية السماء التي ظلت المرجعية الوحيدة التي لم تصل اليها يد التحريف ” أنا نحن نزلنا الذكر وأنا له لحافظون ” .

أن الشيطنة اليوم هي سمة عامة لكل أنظمة الحكم ولكن الشيطنة تتفاوت من بلد لآخر , وأشد الشيطنة وأسوأها هو التغيير لوجوه بعض المسؤولين في بعض دول الجوار ماهو ألا التعبير عن فشل سياسات من تورط بنشر ألآرهاب الذي يضرب العراق والمنطقة .

أن مخاضا عسيرا ينتظر العراقيين بعد عودة كثير من الوجوه المتورطة بالشيطنة والفساد , وهذا المخاض العسير هو الذي يفسد على العراقيين ثروتهم ويبعثر أمالهم ويخيب أحلامهم التي لايمكن تحقيقها ألا بعد التحرر من خدر العواطف الطائفية , ومن رهانات الشخصنة والعائلية والقبلية التي شوهت معالم الدولة .