17 نوفمبر، 2024 9:57 م
Search
Close this search box.

العراقيون والسبعينيات

العراقيون والسبعينيات

لاشك إن الانسان بفطرته مجبول للحنين الى الماضي, فـمهما يكون الحنين موجع ومؤلم فهو يذكره باشتياق ولهفة. وكل ذكرى جميلة وان كانت مؤلمة كما يقال, فالماضي يجسد اجمل الاشياء المرتبطة بحياة الانسان, الطفولة والشباب والايام الرائعة التي تزخر بالناس الصادقين كلها مرتبطة بالماضي, فالناس في السابق سيما العراقيين كانوا عائلة واحدة وكانوا صادقين في المشاعر وكل شيء… والماضي مهما يكن جميلاً فالانسان لايذكره بافراط, طبعاً اذا كانت جوانب مشرقة من حياته التي يعيشها….العراقيين يحنون ويذكرون السبعينيات بشكل مفرط, فاغلب العراقيين الذين عاشوا تلك الفترة معجبين بكل شي في السبعينيات, الفطرة التي كانت متغلبة على سلوك الناس آنذاك, على الرغم من قسوة العيش وقلة الحيلة الا ان الناس تتغلب عليهم الفطرة الحميلة . والشعر والاغاني التي كانت سائدة في ذلك الوقت, فعلى الرغم من صدور اغاني كثيرة بعد تلك الحقبة, تجد الكثير من العراقيين يقفون اجلالاً عند سماع أي اغنية مرتبطة بذلك الوقت…هذه الفترة يعتبرها العراقيين انها الفترة المشرقة التي مرت بهم, لانها خالية من الحرب وكذلك انها تتسم بالفطرة والقلوب المتماسكة في مابينها فتجد عوائل تعيش في بيت واحد, وكذلك انها فترة ذات انعاش اقتصادي بالنسبة للعراقيين, حيث نجد اغلب العراقيين قد سافروا خارج العراق لغرض السياحة وماشابه, والحنين لتلك الفترة لابقتصر على الناس البسطاء فقط بل حتى المثقفين منهم فالشاعر محمد جبار الخطاط في قصيدته امنيات مستعصية يسأل احد اصدقائه متمنياً يقول ( علمني يا (جمعه ألحلفي) كيف أعود إلى ما قبل . العام الثالث والسبعين من القرن الغابر). وهكذا نجد اغلب المثقفين يحبون هذه الفترة ويحنون اليها بشكل عجيب, وفيهم من يحمل على الحاضر  روح ناقمة تعبر عن حرقة دفينة ونفاذ صبر…اذن ماهو السبب الذي جعل اكثر العراقيين يتغنون بالماضي, رغم ان الماضي ليس تاريخاً حافلا بالسعادة وكذلك له سلبياته الكثيرة جداً..وقد يقول قائل لماذا هذا الحنين الى تلك الايام والحاضر مملؤو في القضايا التكنولوجية التي تغني الانسان عن اشياء كثيرة ؟.. في اعتقادي ان الفترة الحالية رغم وجود القضايا التكنولوجية, لكنها اتعس الفترات التي مرت وتمر بالعراق, فهي فترة مظلمة جداً, يتغلب فيها الجهل على العلم, والنفاق على النقاء, فالناس ليس كفطرة الماضي . فالماضي نهر للصداقة ونبع للوفاء وقلب للاخاء كانت قلوب ملئها الحب والحنان, الناس اليوم يتكلمون شي ويضمرون في القلب شي, اضافة الى كثرة القتل والدمار الذي حل بالعراق, فأي تكنولوجيا تفيد الناس في ظل الوضع المتردي, الذي يعيشه العراقيين؟, كنت اسأل الحاج ابو محمد, لماذا تحن الى الماضي بافراط؟ فـيرد : هو احنه اشفنه من الحاضر, عمي هذا وكت اغبر!. وفوق كل شي هو الامان المستلب من العراقيين ففي ظل الامان يكون كل شي جميل وهو ماتروم اليه الشعوب الباحثة عن السعادة…يقول النبي محمد (ص) ((من أصبح آمناً في سربه معافاً في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيذت له الدنيا بما فيها )) العراقي الان يخرج لايأمن على نفسه فهو ينطق الشهادتين قبل ان يخرج من بيته فالقتل متفشي بشكل غريب في هذا البلد . فأي تكنولوجيا تنفع حينما لايأمن الانسان على نفسه؟. سوف ابقى احن واتمنى مع العراقيين ان تعود ايام السبعينيات رغم اني لم اعيشها, فقط اسمع الناس يتكلمون عن السعادة الغامرة فيها, الى ان يأتي شريف ويأخذ العراق الى بر الامان عندها لم نتمنى عودة تلك الايام المنصرمة .

أحدث المقالات