لعل البعض ممن يقرأ العنوان سيستبق الحدث ويقول عني اني حاقد او اتهجم على العراقيين ولكن ، لنترك الجدال ونحاسب انفسنا اولا قبل الاخرين ، فنحن ومنذ عشر سنين مضت على التغيير نعيش الحدث اولا بأول وخضنا تجارب مع ( الديمقراطية ) التي جلبوها لنا على اساس انها فعلا ديمقراطية ونستطيع ان نقول انهم خدعونا في المرةّ الاولى وتم تحشيد الناس على اساس طائفي وعرقي وعبر اخافتهم بعناوين البعث والارهاب والتكفير ولكن ماذا عن باقي التجارب وعبر السنوات الماضية فهل لا زالت الخدعة منطلية على العراقيين ؟ ام ان الامر اكبر من ذلك !!! ان الحقيقة التي نعيشها وقد يتجاهلها البعض ان ظاهرة الفساد والسرقات التي اصبحت سياسة عامة للسلطة هي جزء من ثقافة المجتمع نفسه ، فنحن طوال هذه الفترة نجد ان مفاصل الدولة قاطبة هي فاسدة وان ادوات الفساد هم قطبين رئيسيين هما السلطة والأحزاب ومن يقف ورائها من جهات دينية ودولة مستفيدة والقطب الاخر هم المجتمع نفسه ، فالاحصائيات تقول ان هناك جيوش من الافراد في كل مفاصل ومؤسسات الحكومة تمارس ابشع مظاهر السرقة والنهب يومياً دون رادع وهؤلاء الافراد هم جزء من هذا المجتمع حتى وان كان حجم الفساد الذي يمارسونه صغيرا قياساً بحجم السرقات التي يقوم به الساسة الا ان الامر بمجموعه يمثل ارقام فلكية ناهيك عن كونهم جزء من هذا المجتمع ويفترض ان يكونوا حريصين عليه وعلى ثرواته ، وهنا قد يعترض البعض ويقول ان هناك رفض شعبي وحراك لمحاربة الفساد والمفسدين ، الا ان الامر اكبر من ذلك بكثير ، فالاغلبية من الشعب العراقي صامتة وخاضعة لواقعها الفاسد المزري وهذا السكوت لا يخلوا من احتمالين ، اما ان المجتمع العراقي هو جبان ( وحاشاه ) او انه جزء من هذه المنظومة التي تعتاش على الفساد والتحايل بشكل او بآخر ولا يستطيع ان ينكر ان الفساد هو ثقافة مجتمع والا بماذا نفسر تفشي الفساد بهذا الحجم الهائل وهو يعني ان المشاركين فيه بهذا الحجم هم اكبر من ان يكونوا افرادا معدودين والنتيجة ان الشعب نفسه كله متورط بالفساد وهذا تفسير سكوتهم بجميع فئاتهم على الفساد والمفسدين الا اللهم من خرج وتظاهر ورفض المفسدين وهم القلة القليلة جدا من بعض افراد المجتمع وهذا يعني ان العقاب الالهي حينما ينزل سوف لن يصيب الظالمين والفاسدين فقط بل سيشمل الجميع لانهم سكتوا عن الظلم وهو مصداق لقول الله تعالى (( واتقوا فتنةً لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة )) …