10 أبريل، 2024 2:06 ص
Search
Close this search box.

العراقيون بين سندان العمائم ومطرقة العكل …

Facebook
Twitter
LinkedIn

ليس هناك شعب في العالم تم العبث بدماء ابنائه على يد حكامه  مثل الشعب العراقي فهذا الشعب قدم تضحيات بملايين من البشر بلا اي فائدة طيلة ثلث قرن فحتى الحرب العراقية الإيرانية كان بالإمكان إنهائها بوقت مبكر جدا
لو قام النظام البائد بتدويل الحرب بتقديم  البصرة كطعم للنظام الخميني لجعله وجها لوجه مع القوى الدولية العظمى التي ستمسحه من الوجود قبل تعرض مصالحها البترولية في الخليج لخطر داهم .مثلما كان بالامكان تجنب كارثة عام ١٩٩١ لو انصت لصوت العقل الذي يقول ان كل دول الخليج ماهي الا محميات أمريكية لهذا لا تستطيع الكويت ان تتنازل عن سنت واحد من ديونها على العراق او تخفض برميل واحد من إنتاجها من البترول لرفع اسعار النفط العالمية آنذاك بلا ضوء اخضر أمريكي   .. وحتى الحصار كان يمكن تجنبه لو لم يراهن حكام العراق  على الحصان الخاسر المسمى الزمن .. وبعد تغيير ٢٠٠٣ كان من السهولة وضع العراق على السكة الصحيحة وتوفير كل انهار الدم التي سالت منذ اكثر من اثنا عشر عاما ولحد اليوم نتيجة الصراعات الطائفية والإثنية  بقليل من الحكمة والتسامح والعقلانية والشعور بالمسؤولية الأخلاقية .. كل هذا و اكثر كان ممكنا لو كان يمتلك العراق نخب او رموز وطنية تمتلك  ربع إنسانية نيلسون مانديلا ولكن ملايين البشر الذين قتلوا   بالعراق طيلة ثلث قرن(١٩٨٠-٢٠١٦)تثبت بما لايدع مجالا للشك ان هناك خلل قاتل في البنية التحتية الانسانية لهذا المجتمع تجعله عاجز عن إنجاب نخب إنسانية  متحضرة وهذا الخلل موجود أساسا في مؤسستين تقليديتين احتكرت انتاج النخب في العراق وهما المؤسسة الدينية متمثلة (برجال -علماء -شيوخ) الدين والمؤسسة العشائرية القبلية متمثلة (بشيوخ العشائر) ..هاتان المؤسستان هما آلتان تمسكان بخناق المجتمع العراقي وتجرانه جرا الى العصور الهمجية فهما ترفضان بعنف الاندماج مع القيم الانسانية للحضارة الحديثة التي  ترفع من قيمة الانسان الفرد وتوصله لسن الرشد وتحرره من الوصاية الأبوية لهاتين المؤسستين خاصة وللمجتمع ككل عامة فهما تعرفان  ان هذه القيم تشكل تهديد مباشر لمصالحهما الوراثية التقليدية ولكي تدافعان  عن وجودهمافقد شجعت النخب التي تنتجها على تبني الأفكار الفاشية المحافظة التي ترفع شعارات ( ليس بالإمكان احسن مما  كان)و( الأمة لايصلح اخرها الا بما صلح به أولها ) فالمؤسسة العشائرية هي التي أنجبت الفكر البعثي الفاشي  والمؤسسة الدينية هي التي أنجبت كل الأحزاب والحركات الدينية الفاشية التي قتلت الملايين من العراقيين فالعمامة (علماء وشيوخ الدين )والعقال ( شيوخ العشائر) أصبحا  مصانع هائلة لإنتاج الفساد والتطرف والإرهاب
والرعب والموت والخراب في العراق بواسطة النخب التي تنتجها  وإذا لم ينتبه العراقيون لأفعال هاتين الطبقتين فلن يصلوا لسن الرشد ًويستفيدوا من تجاربهم الكثيرة المرة التي دفعوا ثمنها انهارا من الدم وسيبقون بعين أسيادهم  من شيوخ العشائر  وشيوخ الدين أطفال قصر يتحكمون بحياتهم مثلما يتحكم السيد بالعبد ومن لايصدق هذا الكلام لينظر الى جرائم الأحزاب والحركات الاسلامية السنية والشيعية في العراق والعالم الاسلامي فمن الذي أسس هذه الأحزاب والحركات ومن يدعمها أليس كبار علماء دين وعوائلهم وانظروا الى من يحمي ظهر كبار القتلة ًوالحرامية بالعراق أليس هم  علماء الدين وعوائلهم وشيوخ العشائر وعوائلهم  . من لايصدق هذاالكلام ليسأل  نفسه لماذا لايوجد بالعراق قانون محترم يحميه حاله حال كل عباد اله في دول العالم أليس لان شيوخ العشائر يفرضون بالقوة قوانينهم العشائرية البالية وشيوخ الدين يفرضون بالقوة قوانينهم الخاصة التي تمثل مصالحهم تحت غطاء قال الله وقال الرسول  وقال الأئمة الاثنا عشر المعصومين .. 
  مادامت هاتان المؤسستان بعيدة عن المسالة والحساب فستبقى البنية التحتية الانسانية للمجتمع العراقي بهذه الحالة الرثة للخمسين عاما القادمة حيث سيبقى الانسان العراقي مثل طفل ضعيف ومسحوق ومقهور قبل  ان تنقرض هاتان الطبقتان بصورة طبيعية عندما تضعف مقاومتها الطبيعية نتيجة الفناء الكامل للبيئة الملائمة لوجودهما  بسبب تراكم التغيرات الحضارية الراديكالية العالمية التي أنتجتها الثورة العلمية والتكنولوجية المعاصرةالتي هدمت كل الأسوار التي كانت تحيط  بالمجتمعات البشرية منذ نزول آدم على الارض الى بداية القرن العشرين … 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب