استغربُ كثيرا من شعب يعتقد أن له حضارة امتدت لأكثر من ( سبعة آلاف ) عام ثم يظهر لنا من خلال التعامل بانه لا يمتلك من هذا الامتداد الحضاري إلا الاسم ، شعب يتكلم كثيرا ويعمل قليلا ، ينتقد كثيرا ويفهم قليلا ، شعب لا يهتم إلا للمظاهر البراقة ، شعب يُصنف من أكثر الشعوب عظامية ، العظامي هنا هو عكس العصامي فالأول لا يقدم لنا شيئا إلا التفاخر بالأجداد ( العظام من العظم ) والثاني هو الذي لا يهتم بسيرة الاجداد بل يسعى ويتقدم رغم كل الصعوبات ويشق طريقه بنجاح ومثابرة رغم كل التحديدات ، شعبنا لا يتعامل مع الزمن تعاملا تقدميا بل يعمل مع الزمن بفكرة التملق والتباهي ، يتملقون ويتباهون حتى بالألقاب وهذا مالا نجده إلا في عراقنا عراق الحضارات.
سابقا في زمن الرئيس صدام حسين لا نسمع إلا لقب هذا ( تكريتي ) حتى العشائر القريبة من محافظة صلاح الدين كلها اصبحت من (التكارته) بين ليلة وضحاها ، فاغلب أهل بيجي من الجبور والجنابيين وغيرهم اصبحوا تكارته وأهل قضاء حديثة أصبحوا تكارته وبعض أهل سامراء اصبحوا من تكريت والقرى المجاورة وحتى العشائر التي تقطن في تكريت اصبحت كذلك وهم لا ينتمون اليها إلا بالاسم بحيث تركوا عشائرهم الاصلية من شمر وغيرها واصبحوا تكارته تماشيا مع الموديل و ( الموضة ) بل حتى وصل اللقب لحدود محافظة الموصل وتحديدا في ( الشرقاط ) والقرى التي بجوارها وأصبحوا كلهم من ( تكريت ) صورة وأصل ، بعد السقوط اختفت هذه الألقاب وعاد الكل لسابق عهده ، فالجبور انقلبوا على لقبهم الجديد والجنابيين ايضا انقلبوا وأهل تكريت اصبحوا يقولون نحن من ( شمر ، طي ، زبيد الأكبر ، زبيد الأصغر ، والنعيم ) وهكذا .
المعادلة نفسها ظهرت بطريقة مماثلة ولكن بلقب جديد وهو ( الموسوي ) واصبح كل من يسكن في محافظة الفرات الأوسط والوسط والجنوب هو موسوي وسيد وجده رسول الله ولا افهم الباقي من هو جدهم هل هو ( سعد الله مثلا ) فنحن الأن لا نسمع عن مدير عام إلا وكان فلان الموسوي ولا محلل سياسي إلا وعلان الموسوي ولا مستشار إلا و ( س الموسوي ) ولا وكيل وزير إلا و ( ص الموسوي ) وسؤالنا أين كان هؤلاء سابقا ، وهل فعلا كانوا بنفس اللقب أم أن الفكرة تتشابه ما بين (سابقا وحاليا) وأين اختفى الرهط القديم ( التكريتي ) وهل يُسمح للعراقي أن يستبدل لقبه حسب الموديل أو حسب الحاجة ، ربما يكون هذا ( التكريتي أو الموسوي ) بعد حين من عشيرة جورج مايكل مثلا ( يعني س المايكلي ) و ( ع الطرابلسي ) و ( ص الدمشقي ) لهذا السبب ذكرت في مقدمة سطوري أن العراقيين لا يمتلكون هذا الامتداد الطويل والكبير والشاهق لحضارتنا التي نتباهى بها في كل محفل ومجلس ، فنحن مع القوي وضد الضعيف أن كان القوي مسنودا حتى لو كان ظالما وضد الضعيف حتى لو كان مظلوما بل نتفاخر بظلم المظلوم ونعود لنرتل سمفونيتنا القديمة ( نحن سليلو حضارة ) بل كذبنا والصحيح ( نحن سليلو نفاق وتملق حد التخمة ) .
مبروك لكم سابقا اللقب ومبروك لكم حاليا اللقب ومزيدا من التزاحم على القاب يرتاح لها من جلس على كرسي الحلاق ولم يبق إلا قليلا وينتهي الحلاق من حلاقة رأس وذقن الجالس ونزول زبون وصعود آخر وصعود لقب جديد .
[email protected]