18 نوفمبر، 2024 12:34 ص
Search
Close this search box.

العراقيون بجامعة موسكو في الستينيات (6)

العراقيون بجامعة موسكو في الستينيات (6)

نتوقف في هذه الحلقة عند كليّة الاقتصاد . كان فيها مجموعة من الطلبة العراقيين في الدراسات الاولية والعليا , وهم ( حسب الابجدية ) كل من – اسماعيل خليل (عليا) / خالد الزبيدي ( اولية )/ شريف الشيخ (عليا) / عباس الدباغ ( عليا)/ عبد الحسين زيني ( عليا )/ عبد القادر الجبوري ( اولية ثم عليا )/ علوان الحمداني ( عليا ) / فتاح السامرائي ( عليا ) / كمال جرجيس انطون ( اولية ) / محمد علي الماشطة ( اولية ثم عليا) / ميسّر قاسم ( عليا ) / نجيب نجم الدين ( عليا ) / وجدي شوكت سري ( اولية ثم عليا) , واخشى انني نسيت اسماء طلبة آخرين في تلك الكليّة ( وكم أتمنى ان يشارك الاخرون في هذه المقالات باضافة معلومات او تصحيح ما اكتبه الان ). لقد كانت كليّة الاقتصاد هذه واحدة من الكليّات المرغوبة جدا من قبل الطلبة العراقيين , اذ انها كانت رمزا لدراسة الاقتصاد الاشتراكي في قلب المعسكر الاشتراكي (في ستينيات ذلك القرن ) وعاصمته موسكو طبعا .
أقدم طالب عراقي في هذه الكليّة هو المرحوم د. محمد علي الماشطة , الذي وصل الى موسكو العام 1957 ضمن الوفد العراقي للمشاركة في المهرجان العالمي للطلبة والشباب ( وهو وفد ارسله الحزب الشيوعي العراقي آنذاك ) , وبقي محمد علي الماشطة للدراسة في موسكو بعد المهرجان , وكان من الطبيعي ان يلتحق بكلية الاقتصاد في جامعة موسكو لدراسة اسس الاقتصاد والفكر الاشتراكي , وكان آنذاك الطالب العراقي الوحيد في جامعة موسكو . بعد ثورة 14 تموز 1958 تدفق العراقيون للدراسة في الجامعات الروسية , وهكذا اصبح محمد علي الماشطة نجما ساطعا بالنسبة لنا, اذ كان في الصف الثاني بكليّة الاقتصاد في جامعة موسكو عندما كنّا نحن جميعا ( الوجبة الاولى ) طلبة في الكلية التحضيرية لدراسة اللغة الروسية في العام الدراسي 1959 / 1960 . ارتبط اسم محمد علي الماشطة برابطة الطلبة العراقيين في الاتحاد السوفيتي ( انظر مقالاتنا بعنوان – رابطة الطلبة العراقيين في الاتحاد السوفيتي 1 – 5 ), اذ انه كرّس كل وقته وجهده ونشاطاته من اجل تأسيسها واخراجها الى حيّز الوجود كما يقولون , وكان رئيس اللجنة التحضيرية لها واول رئيس للرابطة , حيث انتخبناه بالاجماع لهذا الموقع في المؤتمر الاول للرابطة الذي انعقد في جامعة موسكو , وكنّا نسميه آنذاك ( واضع اسس الرابطة ) , وقد اصبح اسمه رمزا للرابطة لدرجة , ان جواد البدري ( طالب الدراسات العليا في كلية البايولوجي بجامعة موسكو آنذاك ) كتب قصيدة ( وكان عندها زعلانا على الرابطة ولا يريد المساهمة في احدى اجتماعاتها ) تبدأ هكذا – ( ايها الذاهب الى الرابطه … سلملّي على الماشطه ) , وهي قصيدة طريفة مثل كل قصائده المرحة الاخرى . كان محمد علي الماشطة انسانا مرحا وبسيطا ومتواضعا و اجتماعيا , رغم انه ابن الشيخ عبد الكريم الماشطة – عضو مجلس السلم العالمي والشخصية العراقية الشهيرة , ورغم انه كان الطالب الابرز والاشهر بين الطلبة العراقيين بالنسبة للجانب الروسي سواء في اوساط جامعة موسكو او خارجها , وأذكر اني التقيت مرة أحد كبار الروس المسؤولين عن الاجانب في جامعة موسكو اثناء ايفاد لي في نهاية الثمانينات, فحدثني عن احترام الادارة الروسية آنذاك لمحمد علي الماشطة , وكانوا يسمونه ( كريم ) , وذكر لي هذا المسؤول , انه خاض مرة نقاشا حادا مع الطلبة الشيوعيين الصينيين حول الخلاف بين الحزب الشيوعي السوفيتي والحزب الشيوعي الصيني ( وهو خلاف كبير ومشهور جدا حدث في الستينيات بين الحزبين الشيوعيين الاكبر في العالم الاشتراكي ) , وان الجانب الصيني كاد ان يتغلب عليه لولا ( كريم ) , الذي تدخل في ذلك النقاش وكان مع الحزب الشيوعي السوفيتي بقوة وثبات ضد الحزب الشيوعي الصيني , وانه ( اي هذا المسؤول الروسي ) استطاع بمساعدة محمد علي الماشطة ان يدحض مواقف الشيوعيين الصينيين في ذلك النقاش الحاد آنذاك .
انهى محمد علي الماشطة كلية الاقتصاد , واستمر رأسا بدراسة الدكتوراه , وحصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد , وسافر الى الجزائر للعمل هناك , ثم عاد الى العراق , وعمل على ما اتذكر في شركة النفط الوطنية , وتوفي في بغداد . لم يبرز د. محمد علي الماشطة علميا في مجال اختصاصه , ولم يترك لنا مصادر او كتبا مؤلّفة او مترجمة له عن الروسية في علم الاقتصاد , رغم اني أتذكر دراسة نشرها في مجلة الثقافة الجديدة , (وهي مجلة مرموقة في مسيرة الثقافة العراقية و يصدرها الحزب الشيوعي العراقي منذ اواسط الخمسينيات والى حد الان ) , دراسة حول اقتصاد النفط العراقي , وهو موضوع اطروحة المرحوم د . محمد علي الماشطة في كليّة الاقتصاد بجامعة موسكو عندما كان طالب دراسات عليا هناك في الستينيات . واختتم هذه السطور عن المرحوم محمد علي الماشطة بالقول , انه كان شخصية متميّزة بين طلبتنا في الاتحاد السوفيتي , شخصية تستحق منّا جميعا – نحن خريجي الجامعات الروسية في تلك الفترة – ان نكتب ونسجّل ذكرياتنا وانطباعاتنا عنه .
الكتابة عن العراقيين الآخرين في كليّة الاقتصاد بجامعة موسكو في تلك الفترة ومصائرهم هو موضوع الحلقة القادمة …..

أحدث المقالات