22 نوفمبر، 2024 3:27 م
Search
Close this search box.

العراقيون الذين لا يحبون ارتفاع أسعار النفط

العراقيون الذين لا يحبون ارتفاع أسعار النفط

خلال السنوات ( 2009 ، 2014 ، 2019 ) تعرضت أسعار النفط إلى انتكاسات حقيقية بسبب انخفاضها في الأسواق العالمية ، والعراق كان واحدا من أكثر البلدان تضررا من هذا الانخفاض لأنه يعتمد على إيرادات النفط في تمويل نفقات موازناته الاتحادية ، والإيرادات النفطية التي تشكل أكثر من 90% من إجمالي الإيرادات جعلت اقتصادنا الوطني اقتصادا ريعيا بامتياز ، إذ لا توجد قطاعات صناعية وزراعية وسياحية وأخرى إنتاجية بالمعنى الصحيح ومعظم الناتج المحلي يتكون من صادرات النفط ، ومن الغرائب التي انفردنا بها بين الشعوب إننا نقع ضمن مقدمة الدول المصدرة في منظمة اوبك ولدينا الفرصة للتقدم أكثر في الصادرات عند زيادة الطاقات الإنتاجية للاستخراج والتصدير بسبب مخزوننا العالي ، أين إننا نفطيون بامتياز ، ورغم ذلك نقف في قائمة الدول المهمة استيرادا للمنتجات النفطية والغاز التي من السهل إنتاجها في الداخل بدلا من استيرادها بمليارات الدولارات كل عام ، وبسبب الاعتماد شبه الكلي على إيرادات النفط التي تقبضها وزارة المالية بالدولار وتحولها إلى البنك المركزي لبيعها بالدينار للإنفاق على أوجه الصرف في الموازنة التي تعيل غالبية السكان ، فإننا عرضة للنكسات عند حدوث انخفاض بأسعار النفط نظرا لدم تنوع مصادر الإيرادات ، وتلك حقيقة يدركها الجميع ويلمس آثارها الكثير إذ تضطر الحكومة للتقشف وشد الأحزمة على البطون و فرض الضرائب والرسوم والغرامات وإنقاص الرواتب وتغيير أسعار صرف الدولار وغيرها من الإجراءات ، وصحيح إن أغلبية الشعب يستهجنون هكذا إجراءات لأنهم من محدودي او معدومي الدخل ، ولكنهم يتقبلون أية إجراءات تفرضها الحكومة من باب الاضطرار لان أكثر مدخولات الأفراد والعوائل تعتمد على المرتبات التي تمول من موازنة البلاد ، ومما لا يحبه الكثير من الشعب هو رد الفعل الحكومي عند ارتفاع أسعار النفط ، فعند الانخفاض يملئون آذان الناس بما يمر به البلد من ظروف التي تجعلها غير قادرة على تدبير رواتب الموظفين إلا بالقروض ، ولكن الحكومة تلزم الصمت عند ارتفاع أسعار النفط وحين يتحدث الناطقون باسمها او نيابة عنها فإنهم يروجون بزيادة احتياطياتها من العملات الأجنبية ، وقبل أيام تم التصريح بان احتياطي النقد الأجنبي زاد بمقدار 16 مليار دولار ، وهو ما يثير تساؤلات المواطنين لان 12 مليار من هذه ال16 تم استقطاعها من عموم الشعب بتغيير سعر صرف الدولار من 1118 دينار إلى 1450 دينار دفعة واحدة ومن دون مقدمات ، أما ال4 مليارات الأخرى فهناك من يسال عن أسباب تواضع هذا الرقم لان أسعار صادرات النفط التي تبلغ 3 ملايين برميل يوميا ارتفعت بقفزات لتبلغ 83 دولار في هذه الأيام رغم إن تقدير سعر النفط في موازنة 2021 كان 45 دولار ، بمعنى إن الفرق في الأسعار من وجهة نظر العموم بإمكانه أن يغطي العجز في الموازنة ويحقق فائضا في الإيرادات ويزيد الاحتياطات لأكثر من ذلك بكثير .
ومن الناحية الحسابية فان الفرق بين 45 و83 هو 38 دولار مما يعني إن مبيعات النفط ازدادت بمقدار 84% وهي زيادة تدريجية بدأت بعد إقرار الموازنة في مجلس النواب ولكن متوسطها بلغ 50% على الأقل ، ولكن المواطن يقول انه لا يلمس نتائج الارتفاعات في أسعار النفط لا في مدخولاته ولا في التنمية ولا في مجال الخدمات فالمترو والقطار المعلق والتقانات تعاني الغياب حالها حال المجاري والصحة والماء ، فالوضع باق على حاله وأسعار السلع والخدمات تزداد ارتفاعا دون حساب وكتاب بعد رفع سعر صرف الدولار الذي كان مبرره الأساس انخفاض أسعار النفط و كمية المبيعات ، وحسب بيانات الجهات الحكومية فان معدلات التضخم بارتفاع وأسعار سلع التسوق والسلع المعمرة في فوران وبشكل يؤثر على معيشة المواطنين لأنه يلامس احتياجاتهم اليومية من الطعام والإيجار وكل شيء في هذه البلاد ، وبدلا أن يفرح العراقيون بارتفاع أسعار النفط كونهم نفطيون فإنهم باتوا يتشاءمون من هذه الإخبار ، لان مرتبات الموظفين لم تتغير من عام 2008 لحد اليوم واغلبها شملها التقشف الذي طبقته حكومة العبادي ، والأسعار ترتفع في الأسواق و حجة التجار في ذلك إن جميع أسعار السلع في الأسواق العالمية ترتفع بارتفاع أسعار النفط لان النفط من كلف الإنتاج في مختلف المجالات ، كما إن هناك اعتقاد سائد بان ارتفاع أسعار النفط من شانه زيادة حجم الفساد الذي لم يعالج بشكل جذري لحد الآن ، كما يعتقد البعض إن ارتفاع النفط يزيد من تبديد ثروات البلاد من العملات الصعبة وهم يشيرون إلى زيادة مبيعات البنك المركزي من الدولار لأكثر من السابق لتبلغ أكثر 200 مليون دولار يوميا ، مما يجعل رفع سعر الصرف لتقليل الاستيراد صعب المنال حاليا باعتراف وزارة الزراعة بعد موافقتها على استيراد الطماطة والبيض وهذا يؤكد ضعف النمو في الإنتاج المحلي ، والمواطن ليس غائبا عن هذه الأمور فما إن تنشر أخبارا عن ارتفاع أسعار النفط في وسائل التواصل الاجتماعي ، إلا وجدنا مئات التعليقات التي تسخر من هذا الارتفاع وقاسمها المشترك إن الشعب لم يلمس أي تغيير من ارتفاع أسعار النفط سوى الجانب السلبي الذي يعني التضخم في الأسعار وما ينتجه من ويلات ، والحكومة ليست لديها ردود على تلك التعليقات سوى التصريح بان البلد يغرق بالديون وان أية زيادة في أسعار النفط يذهب لسد عجز الموازنة وإطفاء او خدمة القروض ، بما لا يشير لإعطاء أية أسبقية او معالجات آنية لمعاناة المواطن التي تتفاقم يوما بعد يوم ، وكما اطلعنا على الكثير من تلك التعليقات فان هناك من يعلق أن الشعب سوف لا يلمس أثرا حتى لو وصل سعر البرميل ألف دولار ، فهل سيتغير الحال من حكومة تصريف الأعمال أم ننتظر معجزة الإصلاح في الحكومة التي ستتشكل بعد إن أنجزت صفحة الاقتراع ؟! .

أحدث المقالات