منحت الولايات المتحدة سيدة عراقية لقب واحدة من أشجع عشر نساء في العالم لعام 2018 لانقاذها 58 شابًا عراقيًا من مجزرة نفذها تنظيم داعش في شمال غرب بغداد عام 2014 وراح ضحيتها 1700 طالب عسكري والتي عرفت بمجزرة ( سبايكر) واعتبرت وزارة الخارجية الأميركية الحاجة العراقية عليا خلف صالح المعروفة بأم قصي من محافظة صلاح الدين (125 كم شمال غرب بغداد) ضمن أشجع عشر نساء في العالم لعام 2018، وذلك ضمن جائوة “آي دبليو أو سي” التي تمنحها الوزارة للنساء اللواتي أظهرن شجاعة وقيادة استثنائية وأسهمن في تحقيق السلام والعدالة والحفاظ على حقوق الإنسان , وهذا المقال مهداة الى ( أم قصي ) وهي سنية من أهالي ناحية العلم التي أمست رمزا وطنيا بعد انقاذها للشبان العراقيين
( الشيعة ) وذلك تثمينا لعملها الوطني وتأكيدًا على الوحدة الوطنية عام 2015
النساءٌ أولاً :
ولا أن خلقَ الله سيدتنا حواء لما كان للبشرية وجود ولما ظهر الرسل والأنبياء لينشروا عبير الوحدانية بين البشر .. ولحكمةٍ قضاها الله في كتابه المجيد لم يذكر إسمها الكريم بل ذكرت كزوج لأن أساس الخلق آدم وآدم من تراب وحواء خُلقت من آدم .. ثم تواصل الخلق ليبقى حتى يوم القيامة .. وفي سورة النساء يقول جلَّ من هو قائل
(( يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)) ..وتشير الآية إلى عدد كبير من الرجال والمعطوف عليهم النساء وهنَّ كثيرات أيضاً بل وأصبحت نسبة النساء في العالم في آخر إحصائية لتقارير التنمية البشرية الصادرة من الأمم المتحدة أن نسبة النساء في عام 2012 أكثر من 58,6% ! والسبب معروف لأن مشاكل الإنسانية مصدرها الرجال وضحايا تلك المشاكل سيكون منطقياً وعلى الأغلب منهم .. المرأة هي الأم الحبيبة والزوجة والأخت والابنة والحفيدة .. الأرض بلا نساء مثلَ بحرٍ كبيرٍ بلا ماء .. لا يمكن لنا أن ننسى المرأة للحظة واحدة فهي في العقل والقلب والروح .. لكنها في العراق تعاني مالم يعانيه معتقلو السجون وأسرى الحروب .. النظرات والتحرشات والتدخلات تطارد النساء العراقيات أينما حللن ومتى ماحللن .. تتورط المرأة في العراق أن تخرج لوحدها فسُتواجه بفيالق من ضعفاء النفوس والمتخلفين والبغاة .. تتورط المرأة العراقية إذا ظهرت في سوق أو جامعة أو مدرسة أو دائرة فستبدأ المطاردات والدعوات ورمي الأرقام والإشارات .. تتورط المرأة في العراق إذا دخلت بمفردها إلى هذا المسؤول أو ذاك الموظف فسيبدأ بثوان بعرض بطولاته ويجري عملية قيصرية سريعة لتنعيم صوته ونشر إبداعاته أملاً في تقاربٍ أو ميلٍ من هذه المسكينة .. ومع أنني أعارض جداً اللبس غير المحتشم والتبرج المبالغ به لكنَّ هذا لايمنع من التنبيه على أن المرأة العراقية تعاني ظلماً كبيراً وخطيراً حالَ دون أخذ دورها الحقيقي في مجتمعنا بعد أن أعياه وأتعبه الرجال .. فالّذين أدخلوا المحتل وفتحوا له أبواب العراق هم من الرجال .. والّذين نهبوا أموال الشعب وأعادوا العراق إلى العصر الطباشيري ! هم من الرجال والكذابين والمزورين والمنافقين الّذين يتلاعبون بمصير العراقيين هم من الرجال .. والغالبية العظمى من الخونة والجواسيس من الرجال .. كل الخراب منّا نحن الذكور ورغم هذا ننظر إلى النساء من فوق متناسين أن آخر كلمات رسول الرحمة محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كانت للنساء والرفق بهن .. (( أوصيكم بالنساء خيرا)) كل اللوم على من يرى ويسمع ويتغاضى عما تتعرض له النساء العراقيات وضرورة توحد الإرادات كي تُقيم الجامعات العراقية ( على الأقل) أو مايسمى بمنظمات المجتمع المدني ، ندوات ومؤتمرات وحلقات علمية ونقاشية للوصول إلى سَن وتشريع قوانين أو تعديل الموجود منها والذي سببَ ظلماً وتحديداً لدور المرأة ، وإلا سنصحوا يوماً ولانجد غير أقراننا من الرجال وليحدث بعدها مايحدث .. المرأة العربية بشكل عام تعاني ظُلماً وتعسفاً حوّل نساءنا العربيات الى ساكنات ومقيمات وسجينات وأسيرات للمطابخ والقدور ولاهمَّ للرجل حين ينظر الى أي امرأةٍ غريبةٍ إلا أن يكسب ودها حتى وان كانت تسير مع زوجها أو ابنها أو اخيها أو مريضة فالمهم كسب الود وهي الخطوة التي يعتقد الكثير من المتخلفين والمرضى أنها توصلهم الى مايخططون له .. وتجولوا وقلّبوا معي صفحات التواصل الاجتماعي واسألوا أعظم النساء اذا أظهرنَ صورهنَ كم من الصداقات ستأتيها بلحظات ومحاولات التعرف والتقرب .. الخ ..في المجتمعات العربية .. الفاسد اذا كان رجلاً فهذا من حقه حتى ولو ارتكب الفاحشة ثم ذهب ليتزوج من أي امرأة فالمهم ما يحمله من مال أو منصب ولا بأس بكوارثه السابقة .. أما اذا ابتسمت امرأة واحدة عن طريق الصدفة مع أي رجل فقد قُضي على سمعتها وسمعة أهلها وعشيرتها وسحق مستقبلها الى الأبد !
لم أجد في التشريعات والديانات وبخاصة الإسلامية وما أُنزل على خاتم الأنبياء والمرسلين في القرآن وفي السنن وفي الأثر وفي الأحكام أي تحديد لدور المرأة .. بل كانت النساء على العكس تماماً وقبل قرون .. فهنَّ القائدات المختفيات في كواليس العرب ودفعهم للتصدي والدفاع عن الأرض والمقدسات ومنهنَّ من كانت تقفُ في سوح الوغى شاعرةً وساجعة تحمل السيف واللسان معاً ثم تسارع لتضميد الجروح أو توفير الطعام للمقاتلين .. ومن بين أخطر الأكاذيب كان الإعتقاد السائد عن وأد البنات قبل الإسلام وهو ما أشاعه أعداء العروبة .. نعم كان هناك وأد ذُكر في القرآن الكريم لكنه محدود جداً ولبعض المناطق البدوية .. وإلا ما تفسير أنَّ كثيراً من النساء العربيات كنَّ يجلسنَ مع سادة القوم وهن بلباس الإحتشام بل أنَّ بعضهنَّ كان له قصب السبق والرأي الأول في إتخاذ قرارات مصيرية لمجال لذكرها الآن .. وبعضهنَّ تاجرات كبيرات كان يعمل لديهنَّ سادة العرب وسيد أهل الأرض قبل الإسلام ، الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم عندما عمل تاجراً مع السيد خديجة بنت خويلد رضي الله عنها .. وأذكر من يعترض على دور المرأة العظيم بأن يتذكر نساءً خالدات تغير العالم بفضلهن كسيدتنا البتول مريم العذراء عليها السلام وسيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام وآلاف غيرهن يكفي كل علماء الأرض وقادتها وسياسييها ومنظريها وملوكها أنهم تربوا في أحضان أمهاتهم ألا يكفي هذا ؟ ونقسّم المجتمع صدقاً .. واحدٌ فاشلٌ مزور ينام ويعتاش على المهاترات والأباطيل وآخر لنسائنا في قيادةٍ صادقةٍ أو على الأقل بمشاركة أخواتنا وعقلنا الذي نفر إليه وقلبنا الهادئ المحتشم ..