23 ديسمبر، 2024 2:48 م

العدل دولة … والظلم جولة

العدل دولة … والظلم جولة

يحدثنا التاريخ القديم والحديث عن دول عظيمة شيدتها الامم عبر التاريخ ، وهذه الدول تاسس بعضها بالعدل والبعض الاخر بالظلم … والفرق بين الاثنين ان دول العدل استمرت واخذت موقعها الذي يليق بها وظلت الاجيال تتفاخر بانتمائها لهذه الامم في حين ان دول الظلم تاسست على العنف ومصادرة حق الاخرين في الحرية والحياة وصار قسم منها كبيرا من حيث الشكل ولكنه صغير وضعيف وهزيل من حيث المضمون كما ان عمرها قصير جدا قياسا بعمر الدول التي بنيت على اساس العدل والمساواة هذا هو شان الحياة منذ ان تحول الناس الى امم بارادة الخالق عز وجل بعد ان كانوا امة واحدة .

لقد تاسست الدولة الاسلامية على هذا الاساس ومعروفة هي المقولة التأريخية للقائد الروماني الذي ينتمي لاعتى امبراطورية على وجه الارض في ذلك الزمان التي قالها لسيدنا عمر بن الخطاب خليفة المسلمين حينما وجده نائما يفترش الارض حيث قال له ( حكمت فعدلت وامنت فنمت ) اربع كلمات كل واحدة منها لايكفيها مجلدا لشرح حيثياتها وابعادهاوالعبرة في هذه المقولة هي كيفية ادارة الدولة ونضم العدالة والنزاهة التي بنيت عليها اسس واليات ادارة الدولة ولذلك يتحقق الامن والاستقرار والازدهار .

ونحن اليوم في العراق خسرنا الدولة لان الحكومات المتعاقبة بنيت على اساس الظلم وليس على اساس العدل وهذا الظلم يتجسد في التعامل السلبي مع حق الانسان وحريته في الحياة وحرمة دمه وماله وعرضة المنتهكة ، والظلم ايضا في كيفية ادارة الدولة وبناء مؤسساتها وحرمة المال العام الذي ابتلى بوباء الفساد المالي والاداري وغياب القانون الذي يقوده قضاء مسيس وغير نزيه ،حتى صار العراق مستباحا من السراق والمجرمين والقتلة وموطئا لاقدام همجية لا تحب العراق ولا تاريخ العراق ولا عروبة العراق تحت مسميات ما انزل الله بها من سلطان وجدت في التطرف الديني والعرقي ملاذا وحاضنة للارهاب ومستنقعا لا تعيش الا بداخله فتداخلت الالوان واختلطت الاوراق ولم يعد هناك وضوحا في الرؤية واصبح الفرز بين الخنادق صعبا ان لم يكن مستحيلا .

قبل ايام خرج العراقيون الى ساحة التحرير يبحثون عن الحياة علهم يجدون شحنة معنوية او نفحة اوكسجينية تهب من المنطقة الخضراء او من مناطق الترف

الاخرى للسادة المسؤولين والتي لا يعرف سكانها معنى حجب رواتب الالاف من منتسبي منشئات التصنيع العسكري لاكثر من ثمانية اشهر وتاخر صرف رواتب منتسبي وزارة الدفاع والقوات المسلحة الذين يقاتلون الارهاب دفاعا عن العراق والعديد من دوائر الوزارات الاخرى ولايعرفون ايضا معنى انقطاع الكهرباء وكيف هي معاناه الناس بدون الماء حتى ماطورات الماء التي سماها العراقيون (الحرامي) لم تعد قادرة على سحب ما يتبقى من ماء في انابيب الاسالة الرئيسية بعد ان كان مشهودا لهذا الماطور بذلك وعلى هذا الاساس سمي بالحرامي وهو ايضا لم يعد قادرا على مجاراة الحرامية الكبار ،وفجأة واذا بكل السياسيين يتدافعون على منابر الاعلام لتبني هذه المسيرات والدفاع عنها املا في ان يركبوا هذه الموجة كما ركبوا سابقاتها وافشلوها دون ان يكلفوا انفسهم للبحث عن اسباب المشاكل التي يعاني منها العراقيون ووضع الحلول الصحيحة لها ومن الغريب ان كل المسؤولين من رئيس الوزراء نزولا ( سنة وشيعة ) يتبنون مطالب المتظاهرين ويدعون الى حلها ولا نعرف الى من يوجهون هذه الدعوة وهم الحكام وما دامت الحكومة غير قادرة على حلها فمن هو المغيث .

ليس للعراقيين غيرك يا الله حسبنا انت لا اله الا انت ولا نقول في الختام غير الدعوة لتوسيع هذه التظاهرات التي يجب ان تبقى سلمية وحضارية لان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم حين ذاك سيتراجع الظلم وينتصر العدل .