18 ديسمبر، 2024 9:51 م

واقعة كورونا كشفت النقاب عن الإحتكار الصناعي , وتبين أن العالم بأسره يستهلك ما تنتجه الصين , وأنه في زمن الشدائد الكبيرة يجد نفسه في محنة كأداء , لا يمكنه التفاعل معها من غير ما تنتجه الصين.
فالدول الصناعية ومنذ أكثر من نصف قرن تخلت عن الصناعات الخفيفة بأنواعها , وإتجهت نحو الصناعات الثقيلة والمعقدة وخصوصا العسكرية منها , وأهملت تصنيع الحاجات البسيطة اللازمة للعيش , بسبب ضعف مجال الربحية والجدوى.
وتمكنت الصين بنظامها المشابه لنظام خلية النحل , أن توظف طاقات بشرها الذي تجاوز المليار والنصف , وجعلت منه الآلة الإنتاجية الكبرى في الأرض.
فأي شيئ تريده يمكنك تصنيعه في الصين بأبخس الأثمان , مما تسبب بتضرر الصناعات الوطنية في معظم الدول , وتحولت إلى مستوردة لما تريده من الصين.
وبعد واقعة كورونا , على الدول الصناعية أن تعيد النظر بسياساتها وترى بعيون العدل , وتحاول تحقيق موازنة صناعية ما بين الدول , بمعنى أن يتم توزيع الصناعات الخفيفة على الدول كافة وفقا لما تمتلكه من طاقات وقدرات.
ولا يمكن للعالم أن يقبل بإحتكار الصناعات من قبل دولة واحدة , تستطيع أن تتحكم بمصير العالم وتمسك أقوى الدول من عنقها , وهذا ما إتضح بعد عجز أقوى الدول من توفير مستلزمات الوقاية من الوباء لطواقمها الطبية ومواطنيها , وإتجهت نحو الصين تطلب منها الغوث والعون المديد.
وعليه فأن الدول المستهلكة يجب أن تفكر بالإنتاج والتصنيع , وأن تكون قادرة على إطعام مواطنيها , وتصنيع ما تحتاجه من مستلزمات وبضائع لازمة لتأمين إستقرارها , وتنمية قدراتها على مواجهة التحديات المحدقة بأجيالها.
فالمطلوب أن تبدأ الدول الفقيرة بالعمل على تعلم التصنيع والتفكير بالإنتاج , وأن تحسب الإستهلاك عاهة حضارية مرفوضة , على المجتمعات أن تتحرر منها , وتكتسب مهارات التعبير عن طاقاتها الإبتكارية , وإنتاج ما يؤمّن كرامتها وسيادتها وقدرتها على التحرر من إستعباد الدول الصناعية الإحتكارية.
فهل لنا أن نصنع؟
وهل للعالم أن يعي ضرورة العدالة الصناعية؟!!