23 ديسمبر، 2024 3:04 م

العجيب والغريب بين أقوال وأفعال علي الأديب

العجيب والغريب بين أقوال وأفعال علي الأديب

أغلب دول العالم المتقدم ليست لديها وزارة باسم وزارة التعليم العالي فهي فهي تعطي ضمن سياساتها اهمية خاصة للجامعات وتعدها اساسا للتطور لذا تجد ان تطور الدول يعكس تطور جامعاتها التي تخطط ستراتيجيا لكل مناحي الحياة الاقتصادية والاجنماعية والصحية والعسكرية والنفطية وبقية قطاعات المجتمع ولاغرابة ان نجد دول العالم المتقدم تعد الجامعة قيمة عليا فتهتم ببحوثها وخبرائها وسياساتها دون ان تتدخل في اداراتها وفي هذه الدول قد تسقط حكومة او رئيس حكومة لكنك لاتسمع عن اسقاط رئيس جامعة او ابعاده دون استشارة او مشورة من مجلس الجامعة الذي يملك سلطة استبدال رئيس جامعة او تعيين رئيس جامعة بشكل شفاف –

بعد العام 2003 حدثت هزة كبيرة في بنية التعليم العالي في العراق من خلال محاولة احزاب وتكتلات السيطة على الجامعات وطلبتها فدخلت فرية جديدة تقول بانتخاب رئيس الجامعة من بين ملاك الجامعات من التدريسيين ولآن النظام في العراق كان منهار تماما حاولت قوى الأحتلال ان تلملم بعض بقايا الدولة ومنها مؤسسات التعليم العالي فأعادت الموظفين والملاكات الجامعية وبدأت مسيرة جديدة محفوفة بالمخاطر من كل الجوانب –

الجانب الأول ان انتخاب رئيس جامعة من بين الملاكات كان يشكل حلا مؤقتا لكنه ليس ناجحا لكون ان رئيس الجامعة سيكون رهن مطالب الملاكات وليس رهن للسياسة العلمية والأكاديمية والمهنية التي تعتمد على قانون التعليم العالي النافذ والتقاليد الجامعية –

عند تولي الدكتور طاهر البكاء مهامه كوزير للتعليم العالي في حكومة الدكتور اياد علاوي وخلال عام واحد اعاد العمل بقانون التعليم العالي وعين رؤساء جامعات ليبدأ بمسيرة جديدة للتعليم العالي على ركام مؤسسات تعليمية شبه منهارة وقسم منها تحول الى قواعد لقوات الاحتلال ومنها جامعة القادسية التي عملت فيها مشرفا على سياستها الاعلامية معاصرا لثلاث وزراء هم على التوالي الدكتور طاهر البكاء والدكتور سامي المظفر والدكتور عبد ذياب العجيلي وكل الذين ذكرتهم كانوا يعملون على ترسيخ قواعد التعليم العالي الصحيحة في وسط ضجة من الفوضى وغياب القانون في بعض الاوقات ومحاولة تدخل المليشيات في فرض سياسات داخل الحرم الجامعي للحصول على مكاسب شعبية انتخابية تعتمد على ضمان النجاح المجاني وذبح المسيرة التعليمية – لكن ارادة السادة الوزراء الداعمة للجامعات ومجالسها كانت حاضرة لتقف بقوة بوجه كل محاولات التدخل ومع نهاية وزارة الدكتور عبد ذياب العجيلي نستطيع ان نقول ان الجامعات قد اخذت استقرارها شبه الكامل وانتعشت المسيرة التعليمية وانطلقت المؤتمرات العلمية والتسابق لاعداد البحوث ونشرها في كبريات المجلات المحكمة العراقية والعربية والعالمية حتى ان الجامعات قد فرضت هيبتها بشكل واضح مع بداية 2010

وبدأت مرجلة جديدة في حكومة جديدة تسلمها المالكي على خلفية اتفاقية اربيل التي لم ينفذ منها شيء –

ومع تسلم علي الأديب الوزارة اثيرت التحفظات المشروعة والمبررة على ان الحكومة ان ارادت ان تأتي بوزير للتعليم العالي فعليها ان تختار شخصية اكاديمية افضل علمية من الوزير السابق او بلقب علمي موازي له لكن خيار الحكومة شكل خيبة امل كبيرة اذ كيف لشخصية قد حصلت على الماجستير حديثا وفي ظروف خاصة ان تتسلم وزارة التعليم العالي ويكون مسؤول عن هيئة الرأي فيها التي تتشكل من رؤساء الجامعات والمدراء العامين وجميعهم يحمل لقب ( استاذ دكتور ) واذا كانت وزارة التعليم العالي قد خضعت للمحاصصة هل عجز حزب الدعوة من ان يجد شخصية اكاديمية تتولى الوزارة –

شرع الاديب في بداية توليه الوزارة الى سياسة التغيير وهو حق مشروع ولكن يجب ان يكون للأفضل فكيف له ان يبعد لقب علمي في مجال اختصاصه ليأتي بشخص بديل يحمل شهادة الدبلوم وميزته انه عمل في حزب الدعوة او المؤسسة التي كان الأديب قد شكلها او عمل ضمنها والتي تخص الكفاءات كما يقال – خلال الشهر الاول لتولي الاديب الوزارة دعينا لأجتماع خاص للاعلام الجامعي وكانت جامعة القادسية التي امثلها اعلاميا تشهد تظاهرات من ابنائنا خريجوا كلية الطب البيطري يطالبون فيها بتعيينهم وهو حق مشروع يقع على عاتق وزارة الزراعة وليست جامعة القادسية – دخل الاديب علينا وادينا التحية له سألني عن تلك التظاهرات اجبته بمهنية تفهم الرجل وقدمت له امام الحاضرين عتبا قويا على احد نواب دولة القانون حاول التدخل بشؤون الجامعة فأستمع لطروحاتي وبدأ الرجل يتحدث عن الأعلام وانا الذي احترفته منذ اكثر من عشرين سنة – اشار في حديثة الى ضرورة الأدخار وطلب استخدام انواع من الورق الرخيص لتنفيذ المطبوعات وقد فرحت شخصيا فالبلد بحاجةلكل الأموال ان تسخر للبناء -بعد ايام جائني طلب من جهة ( التجمع الاسلامي لطلبة العراق ) لغرض تنظيم احتفالية لتكريم الطلبة الأوائل وطلبوا مساعدتنا في ذلك اجبتهم اننا نتعاون معكم ولكن يجب ان تكون الأحتفالية خارج الحرم الجامعي فالجامعة جهة مستقلة لاتتعامل مع منظمات طلابية تابعة لحزب ما وبعد ايام بدأت الأتصالات حول الموضوع لكنني مصر بعدم السماح بذلك ومرت ايام فكانت لنا مشاركة في احتفالية يوم العلم في جامعة بغداد واذا باحد المسؤولين في الوزارة يعاتبني بشدة على موقفي فعرفت ان التجمع الطلابي هو لحزب الدعوة ومن هنا انطلقت المتاعب اذ بدأت الملفات بالفبركة وتعيين شخص سيء لأدارة مكتب المفتش العام في الجامعة ليكون مشرفا على جامعات الجنوب وبدأ هذا الشخص بأبتزاز المقاولين واجبارهم على دفع رشا وانتهى به الأمر الى فضيحة يعرفها القاصي والداني في جامعة القادسية وتحولت الجامعات الى مكان للترهيب من خلال قسم جديد استحدثته وزارة الأديب سمي ( التراخيص الأمنية ) وكانه قسم من الأمن العام وجتاحت التغييرات كل رؤساء الجامعات واستبدالهم بمن يوالي او يكون قريبا من الحزب الحاكم وانتهكت الوظيفة الحكومية اذ قتلت الروح الوطنية فيها واصبح الموظف يعد الساعات لغرض استلام الراتب فقط وكان الأديب اكثر استعلاء على الوزارة فكانت فرقة التفتيش التابعة له تسيء الأدب في كل مكان تتواجد فيه واصبح الوزير المنظر يقول مالايفعل فازداد الأحتقان في الوزارة بشكل خاص والجامعات بشكل عام واتذكر مرة قال احدهم ان الأديب دعي الى جامعة تكريت وعندما حضر واقاموا له واجب الضيافة ادى لهم التحية بطريقته الخاصة بالقول ( شكرا رفاق ) –

لا أظلم الرجل عندما اقول ان مدة استيزاره كانت الأقسى على التعليم العالي فقد اعطى امتيازات لأناس لايستحقون ادارة مدرسة ابتدائية كما سهل لبعض المزورين وغير الكفوئين امور تعيينهم ومواصلة دراستهم نتيجة لولائهم للحزب الحاكم – واصبح صاحب نظريات (خارطة طريق لمعضلة في العراق) صاحب دعوة الأدخار الكذابة من اغنى رجال العالم ويستولي على 16 مليار دولار ليشارك زعيمه المالكي في الأستيلاء على ثروات العراق بأسم الدين والدين منهم بريء –

واخيرا فان المطلع على سياسة علي الأديب في وزارة التعليم العالي سيكتشف بدون عناء حجم الكارثة التي حصلت في الوزارة وسيكون مقتنعا ان الأديب يقول شيء ويفعل عكس مايقول وتلك صفة من صفات النفاق.
*[email protected]