لا يمر اسبوع من دون ان تطالب جهة ما الحكومة بدفع ما بذمتها اليها، من هذه الجهات الفلاحين الذين سوقوا محاصيلهم الى وزارة التجارة والمقاولين وغيرهم وهؤلاء الدائنون هم من الداخل أي عراقيون عجزت الحكومة عن الايفاء بالتزاماتها ازائهم وهي مبالغ ليست قليلة ومضى عليها شهور عدة.
اما من الخارج نعطي مثالين الاول ايران التي قطعت امدادات الكهرباء الى المحافظات الجنوبية، وكذلك تركيا التي اوقفت بوارجها واطفأتها لتراكم الديون على الحكومة في البصرة وكلا البلدين اختارا الاجواء التي ارتفعت بها درجة الحرارة الى ما لا يطاق واجبرنا الحكومة على ضمان هذه الديون..
والمفارقة ان البصرة قبل مدة رفضت الضمان السيادي لقروض كان يمكن ان يكون جزءاً منها لانشاء محطات لتوليد الطاقة، بدعوى رهن الاقتصاد الوطني وثرواته، ولكنها الان توافق ان يكون الضمان سيادياً الى ايران.. فما كان مرفوضاً بالامس، اصبح مقبولاً اليوم، فالحرارة تفل الحديد، وبرغم ان ايران بلد جار والروابط معها اقوى من ان تنفذ الشروط الجزائية فيها لو لم تتمكن الحكومة وتعجز عن سداد الديون!! .برغم ان التجربة واضحة الى العيان ولاتزال راهنة .
الواقع ان خط الطاقة قطع من قبل تركيا وامتعنت عن تشغيل البواخر المنتجة للكهرباء في شط العرب، فليس هناك من ضمان في العلاقات التجارية والاقتصادية سوى تنفيذ بنود الاتفاقات هذه اموال وحقوق الشركات او الحكومات حريصة في الدفاع عن مصالحها واستحصال حقوقها وليس هناك ما يمنح بالمجان او انهم يتحملون السياسات الخاطئة للاخرين، وهناك مثل بلغاري يقول ” الصداقة ببلاش ولكن الجبن بفلوس “.
لوحظ انه مع كل مطالبة لدائن داخلي او خارجي بديونه والعجز عن السداد تهبط قيمة الدينار العراقي ويتأثر السوق وتطلق التخمينات والترجيحات المؤثرة سلباً على الاداء الاقتصادي في البلد، هذا التماهل والمماطلة ليس في مصلحة العراقيين، ويؤثر نفسياً عليهم الى جانب زيادة معاناتهم وبالتالي على الحكومة ان تجد الاساليب والطرق للايفاء بالتزماتها.
يفترض هي ان تعرف ما هو مستحق عليها قبل فترة قبل ان ينشب خلاف بشأنه او يتسرب الى العلن، وبالتالي تكون العواقب مؤذية.
فضلا عن ذلك ان المصارف بدأت لا تسمح للمواطنين بسحب المبالغ المودعة اليها كاملة اذا كانت كبيرة، بدعوى عدم توفر السيولة لديها، فضلا عن تأخر صرف رواتب المتقاعدين، وهذه عوامل اسهمت بدورها في تقليل ثقة المواطنين بالمصارف والعزوف عن الايداع لديها والحقت ضرراً بهم لعدم تلبية حقهم في سحب المبالغ المودعة لديها للايفاء بالتزاماتهم ، وقد ادى ذلك الى ركود في حركة البيع والشراء والنشاط الاقتصادي، كما انه كانت مادة للاشائعات المؤذية للاقتصاد الوطني.
والاهم من ذلك هذا العجز في السداد للمستحقات دفع الى الاحجام عن القيام باي مشاريع اقتصادية وانشطة وفعاليات والانفاق لانه هناك حالة من القلق وعدم الثقة بما هو قادم وخوف من اجراءات قد تحد من الوصول الى الحقوق المالية جراء الازمة الاقتصادية.
ان هذه الجوانب وغيرها قد يبالغ فيها الناس ولكنها واقع ملموس تقتضي الضرورة الالتفات اليه وتبديد هذا الخوف والقلق ومنعه من ان يسود من خلال اجراءات فعالة محسوبة والابتعاد عن كل مايثير المواطنين ويفقدهم ثقتهم بالقدرة المالية للدولة التي لا تزال مناسبة وتفي بالمتطلبات اذا ما اتبعت سياسات صحيحة وشفافة وصريحة تعزز الثقة بها.