23 ديسمبر، 2024 10:54 ص

العبيدي لم يأتِ بجديد ما خلا الجرأة

العبيدي لم يأتِ بجديد ما خلا الجرأة

شرقت وغربت التحليلات، التي خُصِصَت لقراءة م ادار في جلسة مجلس النواب، والخاصة باستجواب وزير الدفاع خالد العبيدي بتاريخ 182016.
الحقيقة إن الوزير لم يأتي بجديد، فالفساد معروف، وضياع المليارات من الدولارت مقابل إنعدام الخدمات، لهو شاهد على هذا الفساد، وكل العراقيين من مسؤولين ومواطنين، يقرون بوجود الفساد، وإن هذا الفساد أصبح إخطبوطيا، ومحمي بمافيات “الكومشنات” التي كانت تتحكم بتوزيع المناصب والتعينات في مؤسسات الدولة.
بعض النواب أعلنوا صراحة عن تقاسم الكعكة، وأخذ الكومشنات “وهذا إلك وهذا إلي” وهذا الإمر ذكرته النائبة الشجاعة، حنان الفتلاوي -والتي إتهمها العبيدي- في احد القاءات التلفزيونية بمعية التائبة ميسون الدملوجي.
الجديد في ما طرحه الوزير العبيدي، هو جرأة الطرح، وعلانية التصريح، وهذا الأمر بحد ذاته، يمثل إنعطافة مهمة في المسار السياسي العراقي، وأربك واحرج وهز المؤسسة التشريعية الإولى البلد.
الأمر الأول الذي بينه العبيدي، لإزالة التهمة التي ستوجه إليه، وهي لماذا أخفى كل هذه الملفات طول هذه الفترة، ولم يظهرها إلا عند الإستجواب؟!
الوزير دفع هذا الإشكال إبتداءا، عندما قال إنه أَطلع رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، على هذه الملفات، وكذلك أقام دعاوى أمام القضاء، ولدى هيئة النزاهة على النواب المذكورين بإتهاماته.
هذا الطرح يجب أن نقرأه بتأني وتروي، فأما أن يكون العبيدي مدعيا بالباطل، وعليه أن يتحمل وزر ما إدعاه، وأما إن يكون صادقا -وهو الأقوى- فعلى القضاء أن يأخذ زمام المبادرة، ويرفع الحصانة عن النواب المتهمين، ومحاكمتهم علنا على خيانتهم للامانة، والمهمة التي ألقيت على عاتقهم.
ما قام به العبيدي غيَّر المعادلة برمتها، فالإتهامات التي ساقها طالت نوابا في ما يسمى بجبهة الإصلاح، وهم من صدعوا رؤوسنا، بأنهم ضد الفساد والمحاصصة، كذلك فإن إتهامات العبيدي، طالت نوابا لطالما سمعناهم، يتصارخون على شاشات الفضائيات، بدعوى أنهم يدافعون عن مظلومية الشعب العراقي، وتبين إنهم يتصارخون علنا، ويتفقون ويتساومون سرا.
كذلك فإن الإتهامات طالت نوابا سنة، وكسرت القاعدة التي كانت تقول بإن الشيعة حرامية، وأسست منطلقا لتصادم سني-سني، قد يؤدي الى تغيرات وتفاهمات داخل المكون الواحد من جهة، وتفاهمات على مستوى المكونات الأخرى من جهة أخرى، والتي قد تؤسس لتخالف عابر للطائفية والمناطقية.
أخيرا؛ واضح من إن حركة العبيدي ليست إعتباطية، ويبدو إنها تستند إلى أطراف داعمة، قد يكون رئيس مجلس الوزراء عرابها، لقلب الطاولة على مجلس النواب، وهذا كله ما ستكشفه الإيام القادمة، والتي يبدو إنها حبلى بالمفاجآت.