23 ديسمبر، 2024 3:39 م

العبادي يفتش في القمر

العبادي يفتش في القمر

عانت الدول المتقدمة, من ويلات الحروب, وأزمات التعنصر العرقي, الذي أعدم الأبرياء, الذين لا يستطيعون تغيير لونهم, أو إخفاء وجوههم, نتيجة تحجر العقول؛ وهمجية الأعراف, لكن هذه الدول إستطاعت أن تستغل وضعاً معيناً, للنهوض بواقع المجتمع والمؤسسات, وعدم القبول إلا بمقدمة الدول المتطورة, متخذةً من أخطائها, معلماً وملهماً للرقي, وعدم الأكتراث بالماضي.
بعد دولة القانون, التي جثت في الحكم ثمان سنوات, تمخضت عنها خدمات هامدة ومؤسسات تالفة, تعسرت بفضلها ولادة الدولة الجديدة, بنفس الجسم ولكن برأس التحالف الوطني, حيث ورثت منها ألآم الأزمات, وأمراض الفساد الخبيثة, وخيانة الأعضاء المشلولة.
صحيح أن الأمراض كثيرة ومتعددة, لكنها غير مستعصية, وتحتاج إلى أكثر من دكتور, لأن الدكتور العبادي وحده غير قادر على إستئصال تلك الأمراض, رغم تشخيصه لها بعد الفحص, في تلك الدولة التي كان جزءاً منها.
الجرأة في التشخيص, وعدم المجاملة في لوم الحكومة السابقة, رغم تمثيلها لحزبه, إشارات تميَّز بها  د.العبادي في خطابه المتجرد والوطني, كما لتصريحاته الواقعية على الأصعدة الأمنية والأقتصادية والخارجية, الأثر في إعادة ثقة المواطن بالحكومة, فلم يضرب بالخيال, ولم يأتي بعصا موسى.
إن سياسة د.العبادي, إعتمدت على نظرية الفريق المنسجم, وذلك من خلال إعتماد مبدأ الشورى في التحالف الوطني, وإطلاع مجلس النواب بمستجدات الأحداث, وإرسال رسالة الثقة عبر نافذة الشراكة الفعلية, وفتح باب الحوار, لمن يريد رسم سياسة الدولة المعتدلة, ومسح لوحة الدكتاتورية المهمشة للغير, والمستبدة برأيها, ووضع الحلول العادلة للخلافات, وتفكيك معامل تصنيع الأزمات المكلفة.
كأن دولة رئيس الوزراء, عَمِدَ على إرتداء عباءة المجلس الأعلى السياسية, متخذاً بها خير الأمور في طرح الحلول, وذلك من خلال خطابه المعتدل والواضح, وخصوصاً في حل أزمة الإقليم, بتكليف د. عادل عبد المهدي, بمهمة التفاوض.
أما ما يخص (إرضة) الفساد الآكلة للمؤسسات, وخصوصاً في المنظومة الأمنية, وهو من نوع آخر يصعب السيطرة عليه, لأنه متحرك غير ثابت على الأرض, مما يُسهِل عملية طيران بعض المنتسبين, الملقبين بـ (الفضائيين) الأمر الذي أسهم في إنهيار تلك المنظومة بسهولة, وتسليم الآليات والمعدات, والأسلحة والأعتدة, والأرض والعِرض, إلى الأرجاس الأنجاس, المجرمين الأوباش, من البعثيين والدواعش.
إلى اليوم ولم يطلع الشعب العراقي, على أسماء القيادات الخائنة ومحاسبتهم, والغموض الذي بات يشوب تلك الجريمة النكراء, التي ندفع كل يوم قوافل من أبنائنا, شهداء ضحية السياسات الخاطئة, إلى متى نشتري بقائنا بثمن دمائنا !؟.
إن إحالة الضباط إلى التقاعد, أو عزلهم بهذه السهولة, من دون المرور للمسائلة والمحاسبة, بمثابة المكافئة لهم, فهم إن لم يكونوا فاسدين فهم مقصرين, ولا يختلف الأمر, وإلا بأي عنوان عزلوا!؟, لكي تكون الحلول جذرية وليست آنية, يجب إيجاد رادع, لأن (من أمن العقاب أساء الأدب).
حتى لا نرجع إلى الوراء, يجب إحقاق الحق, وإحصاء الأخطاء حتى لا تكرر, بعدها نتقدم إلى الأمام دون الألتفاف إلى الماضي.