أين تكمن أهمية زيارة العبادي للولايات المتحدة الأمريكية؟
يتوجه رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي في غضون أيام قليلة الى العاصمة السياسية للعالم نيويورك للقاء كبار القادة، والحديث لهم عن واقع التطورات الراهنة في العراق والمنطقة، والحرب على الإرهاب التي تكاد تضع أوزارها لتفتح المجال لعواصف من نوع آخر تضرب المنطقة، وتتطلب تحضيرات سياسية وأمنية وترتيبات دولية، وعدم الإنفراد في إتخاذ المواقف التي من شأنها أن تتحول الى كوابيس طالما أن أصحابها إبتعدوا بمسافة عن التنسيق الذي أظهر فائدته خلال السنتين الماضيتين بفعل الجدية في السلوك التي طبعت توجهات دول العالم والإقليم تجاه الإرهاب وداعميه ومموليه، ومكنت من قهر المنظمات الإرهابية الأشد فتكا وفي مقدمتها تنظيم داعش الإرهابي. وكانت سياسة العراق واضحة في هذا الشأن حيث نجح في أن يكون في أول الركب المتجه الى ميدان الصراع، وناب عن الأرض كلها ليحقق ماعجزت عنه دول كبرى، وأثار الإعجاب، ودفع المزيد من العواصم لتتخذ مواقف أكثر قربا وفهما للموقف العراقي، وهذا ماتبين بالفعل من خلال النتائج التي تمثلت في هزائم متتالية للإرهابيين، وتحرير مناطق عديدة من سيطرتهم.
العبادي سيحضر إجتماعات الجمعية العمومية للمنظمة الدولية التي سيشارك فيها كبار الزعماء خاصة من الدول الصناعية والغنية، وعديد البلدان التي كانت شريكة لبغداد في مواجهة الإرهاب، وساعدت في تدريب القوات العراقية، وقدمت الدعم التسليحي والإستشارة في عديد المعارك التي كسرت شوكة داعش وأرهقته كثيرا، وساهمت في تأكيد هزيمته النكراء، وسيكون ملف إعمار المدن المحررة في مقدمة الملفات التي يحملها العبادي الى الرؤساء وكبار القادة لمعرفة إمكانية المشاركة في جهد دولي كبير لتأهيل المدن المتضررة، وإعادة توطين النازحين، وتقديم الدعم المالي والغذائي والصحي، وبناء ماخربته الحرب، ولايمكن أن يضمن ذلك مالم يلتق بهم ويؤكد الحاجة العراقية للتدخل العاجل في هذا الملف وليس إهماله وتنفيذ الوعود التي أطلقتها دول عديدة.
ينادي البعض بتوجه العبادي الى كركوك، وإرسال تهديدات واضحة للبرزاني بضرورة التخلي عن مطامحه في إجراء الإستفتاء وهذا أمر ليس منطقيا لأنه سيؤدي لو حصل الى توتر أكبر وإحتقان عرقي ينعكس على واقع المجتمع العراقي، ويضر بالبنية المجتمعية وحياة السكان العاديين، ويجعل من الموقف كأنه حالة إعلان حرب لسنا بحاجة لها في هذه الأيام على الإطلاق، كما إن إجتماعات نيويورك لن تتكرر إلا في غضون أشهر طويلة، وسيكون تفويت الفرصة للقاء القادة خسارة كبيرة لايمكن تعويضها وذلك لوضع النقاط على الحروف، ووضع الزعماء أمام مسؤولياتهم الأخلاقية والإنسانية وتعهداتهم التي لايحتمل العراق أن يتم تجاهلها، أو تسويفها، أما الحويجة فهي محررة حتما، والبحث لايتم في التحرير بل في مرحلة مابعد التحرير،وفيما يتعلق بكركوك فإن رئيس الوزراء كان واضحا في أن حل مشكلتها تكون عن طريق الحوار والمفاوضات وكذلك الموقف من إجراء إستفتاء كردستان..