يزور رئيس وزراء العراق حيدر العبادي البيت الأبيض خلال الأسبوع الأخير من هذا الشهر وبذلك سيكون ثالث مسؤول عربي يقابل الرئيس ترامب بعد توليه منصب رئاسة الولايات المتحدة في العشرين من كانون الثاني الماضي فهل يحمل العبادي في حقيبته منافع للشعب العراقي ام هي زيارة اشبه ماتكون استدعاء تلميذ الى إدارة المدرسة .
اخر زوار البيت الأبيض كان ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع وقائد التحالف العربي ( عاصفة الحزم ) والشخصية الأقوى في العالم العربي طبقا لتوصيف الديلي ميل البريطانية . رجل دولة حقيقي يتمتع بقدرات ذهنية وذكاء فائق حسبما وصفه الرئيس أوباما ، لبق وذكي وسريع البديهيه ،اعلن ستراتيجية المملكة العربية السعوديه حتى العام ٢٠٣٠ ، راسم استراتيجيات الدفاع لدول مجلس التعاون الخليجي ، التقى بالرئيس السوداني البشير فوصفت اللقاء احدى القنوات الفضائية ( دخل الرئيس البشير قاعة الأجتماع وهو حليف لأيران وخرج منها وهو عضو في التحالف العربي ضد الحوثيين وعلى خلاف كبير وشاجب للتدخل الفارسي في المنطقة ) .
قبل زيارة الأمير محمد بأيام التقى الرئيس ترامب رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو الذي هو الاخر داهية في السياسة والدبلوماسية . ومن ابرز الملفات التي اتفق عليها الطرفان مع الإدارة الامريكية الجديدة هو اتساع الخطر الايراني ، واذرع ايران المتوازية الممتده من بغداد الى سوريا الى لبنان ثم الى شمال افريقيا ونزولا الى البحرين فاليمن وضرورة قطع تلك الاذرع ومحاربة المليشيات والاحزاب المرتبطة بايران والولي الفقيه ( ظل الله في الأرض ) .
يتوقع الباحثون في الشأن السياسي ان يتم إعادة ترتيب ميزان القوة في المنطقة وهو ما يسمى حاليا بالتسوية الإقليمية الشاملة للشرق الاوسط والتي ستكون بها ايران دولة تقبع داخل حدودها محاطه بإقليم عربي واسلامي رافض تمددها وتصدير ثورتها واقتصادها يعاني من أزمات لعل ابرزها تبديد الثروة على الحروب والحلفاء الخارجيين وتجويع الشعب من قبل حكومة العمائم في طهران .
جميع من يزور الولايات المتحدة من ملوك ورؤساء يعلمون يقينا انهم في ضيافة الإدارة العالمية المنفردة بقيادة العالم ولذلك ينتهزوا تلك الفرصة للحصول على مكاسب ودعم سياسي كان او عسكري او اقتصادي فاليوم من يكون حليفا لامريكا يستمد قوة مضافة تدعم نظامه السياسي ولاجل انجاز هذه المهمة مثلا خصص نتنياهو فترة شهر كامل للقاء النخب السياسية ومفكري السياسة كما التقى بقيادة حزبه لغرض التهيؤ للمقابلة وتنظيم عملية التناول السلس للملفات بالإضافة الى عمل محاكاة للزيارة عن طريق المعلومات التي يعرفونها مسبقا عن الرئيس ترامب في مراكز البحث السياسي .
هذا الامر لم تغفله المملكة العربية السعوديه فهي مسبقا لديها لوبي وتمتلك شركات علاقات عامة وضفتها من اجل استشراف الملفات التي سيطرحها ترامب وسيطرحها بينس ووزير الخارجيه ومستشار الامن القومي ولأول مره في تاريخ الولايات المتحدة يكسر الرئيس
الأمريكي البروتوكول الرسمي ليدعو الأمير محمد الى الغداء في المكتب البيضاوي ولك انت تتصور عزيزي القارئ حجم تأثير سمو الأمير وامكانياته .
العبادي قائد العمليات ضد داعش ومحرر المدن المحتله هل لديه الدهاء والقدرة على تغيير رأي الرئيس ترامب عن الحكومة العراقية ؟ هل تهيأ العبادي لتلك الزيارة ؟ وهل يعرف ماهي الملفات التي سيتم مناقشتها ؟ وهل سيؤلف وفدا رصينا من جهابذة السياسة والدبلوماسية وكل يحمل في حقيبته مخزونا من الملفات العالقة وستراتيجيات الخروج منها ؟ وهل لدى العراق لوبي فاعل قد سرب لهم الملفات المحتملة للنقاش من خلال معرفتهم المسبقة بترامب ؟ وهل لدى مستشار الامن الوطني العراقي أجوبة رصينه وموثقة عن عدم ارتباط مليشيات الحشد الشعبي بطهران مثلا ؟ هل سيشرح العبادي باعتباره قائدا عاما للقوات المسلحه العراقية تفاصيل خطة إعادة توزيع القطعات بعد داعش مما يؤمن الامن والتصالح المجتمعي وهل ينزع سلاح الحشد ؟ وهل سيثبت العبادي انه رئيس وزراء للعراق ؟ هل سيكون مع الوفد ممثلي كل أطياف المجتمع العراقي ام سيقتصر على عباقرة القرار المقربين ؟ كان الوفد السعودي يضم وزير الطاقة والصناعة المهندس خالد عبد العزيز وهو خريج اميركا ويحمل شهادة البكالوريوس بالهندسة الميكانيكية من جامعة تكساس والماجستير بإدارة الاعمال وعمل مديرا تنفيذيا لشركة أرامكو السعوديه لثلاث عقود فعاد باستثمار قيمته ٢٠٠ مليار دولار ! فهل سيرافق العبادي الأستاذ محمد شياع خريج كلية الزراعة وزير صناعتنا كي يناقش افاق تطور الصناعات العراقية الخفيفة والثقيلة وسبل تطويرها مع الإدارة الامريكية ويعود علينا بمشاريع عملاقة ترفع من اقتصادنا وتشغل عاطلينا ، وهل سيرافق العبادي وزير داخليتنا خريج الدراسة المتوسطة وخريج كلية الأركان لفيلق بدر حيث درسه احمد الخفاجي فنون الحرب والتعبئة والقتال ! ( منقول من سيرة الوزير الذاتية ) ليناقش تطوير الخطط الأمنية واستراتيجيات الامن القومي مع مدير مكتب التحقيقات الفدرالي ( FBI) المكتب المرعب الذي يتمكن من مكافحة الجريمة في عموم القارة الامريكية وخارجها بعناصره الثلاث وثلاثون الف منتسب فقط ، كي ينقل تجربة العراق في مكافحة الإرهاب واستتباب الامن بمنتسبيه ال ٦٨٠ الف منتسب ( حسب تصريح محمد الغبان وزير الداخليه العراقي الأسبق ) وخططه الملهمه كخطة حماية الزيارة الاربعينية الى كربلاء المقدسة باشراك اكثر من خمسين الف رجل امن وعدد من الطائرات المروحيه ولواء مشاة ولوائين حشد . والامن مفقود مفقود مفقود !
نحن ننتظر زيارة العبادي بفارغ الصبروستنقل شبكات التلفزة مراسيمها كما سيحضر المؤتمر الصحفي عدد من اعلامينا الفطاحل الذين سيفاجئون ترامب باسئلتهم المحرجة ، وسنعلم ان كانت زيارة ام استدعاء لايجاز خارطة الطريق بعد داعش واليات الطلاق مع ايران ، والعودة الى الحضن العربي ، واخشى ان تكون الضيافة في فندق تدفع تكاليفه سفارتنا في واشنطن كما حدث مع المالكي في اخر زيارة له الى البيت الأبيض . وان غدا لناظره قريب .