3 نوفمبر، 2024 12:38 ص
Search
Close this search box.

العبادة ترسخ الشعور الداخلي بالمسؤولية

العبادة ترسخ الشعور الداخلي بالمسؤولية

يحتاج أي نظام إلى نوعين من الرقابة لا يمكن الاستغناء عنهما:
أولا ً : الرقابة الخارجية : – وهي رقابة وظيفتها ضبط سلوك الأفراد من الخارج، وفي الأغلب تعتمد على القوة في فرض النظام ومعاقبة المخالفين وضمان سير القوانين كما هو الحال في قوات الأمن والشرطة والمرور والجيش….. الخ
وهذا النوع من الرقابة والحماية ضروري خصوصاً في بداية المجتمعات اقصد بداية تطبيق الأطروحة العادلة الكاملة وذلك بسبب عدم تجسد معطيات العبادة على كل أفراد المجتمع…
ولو فرضنا أن 90 % من الناس تحققت في نفوسهم معطيات العبادة! وهذا الفرض لحد الآن لم يصل إليه أي مجتمع فسيكون 10 % من الافراد يحتاج إلى رقابة خارجية لأن هذه النسبة القليلة من الممكن أن تهدد النظام والاستقرار..
ولكن هذا النوع من الرقابة -اي الرقابة الخارجية- توجد فيه نقاط ضعف منها:
أنها حينما تعتمد على القوة فالذي لديه قوة موازية يستطيع التمرد عليها..
ومن لديه حيلة وعلم يستطيع أن يتحايل على القانون ويفلت من العقاب لعدم توفر الأدلة الدامغة التي تدينه…
وكذلك نفس الأفراد من ضمن هذه الرقابة يحتاجون أيضا إلى تربية وإلى معطيات العبادة وخصوصاً الشعور الداخلي بالمسؤولية والموضوعية لأن رجل الأمن إذا كان غير موضوعي وليس لديه شعور بالمسؤولية فسوف ينحاز نحو أقربائه أو أصدقائه أو نحو المال و الرشوة التي تقدّم له من قبل الخارجين عن القانون، بل قد يكون رجل الرقابة من أعداء المجتمع والقانون وبالتالي سوف يؤدي إلى ارتباك في أداء الرقابة، فمثلاً حصل أن انقطع التيار الكهربائي في أمريكا لمدة دقيقة أو أكثر والنتيجة حصلت اﻵف الجرائم لماذا ؟
لان أجهزة الرقابة تعتمد على الكهرباء مثل الكاميرات وغيرها…..
والحل والعلاج دائماً وأبدا لابد أن ينضم إلى الرقابة الخارجية نوع آخر من الرقابة ….

ثانياً : الرقابة الداخلية أو رقابة الضمير وهذا الأمر لا يتحقق في الفرد إلا من خلال العقيدة والشريعة فالشريعة ترشدنا إلى الإيمان بالله المطلق الذي لا ينام و لا يعزب عن علمه مثقال ذرة لا في الأرض ولا في السماء وهو اقرب إلينا من حبل الوريد وهو يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وهو يدرك الأبصار ولا تدركه الأبصار…….
والعبادة ترسخ في النفس العابد الشعور بهذه الرقابة…..
والنية هي عبارة عن هذا الشعور بهذه الرقابة التي لا يمكن استغفالها أو خداعها أو مواجهتها بالقوة أو التمرد عليها..
والجانب الغيبي في العبادة يرسخ الاستسلام والانقياد لله سبحانه وتعالى فالفرد العابد لا يحتاج إلى رقابة خارجية فهو لا يخالف القانون الحق القائم على العدل الإلهي سواء انقطع التيار الكهربائي أو لم ينقطع …..
وسواء وجدت رقابة خارجية أم لم توجد….
والعبادة هي التي تجعل الفرد العابد يتحلى بالمواطنة الصالحة، لان المواطنة الصالحة كما يرى السيد الشهيد محمد باقر الصدر( قدس ) ليست مجرد عدم مخالفة القانون بل هي شعور داخلي بالمسؤولية…
وهذا الشعور يكون ضامناً لتنفيذ القانون لان القانون كلما وجدت له ضمانات للتنفيذ يكون نجاحه اكبر…
والمجتمعات المسلمة لا تحتاج سوى القوانين التي تقوم على أساس العدل الإلهي لأنها سوف ترتكز على المحتوى العبادي بما فيه من معطيات قد تجسدت لدى أفراد كثيرة من المجتمع…

أحدث المقالات