18 ديسمبر، 2024 7:17 م

العبادة الواعية

العبادة الواعية

إن العبادة الفارغة من معناها اي التي لا ترتقي بصاحبها نحو التكامل، نحو الخير ، نحو العلاقة الحسنة مع أخيه الانسان، هذه العبادة مرفوضة لأنها لم تؤدِ رسالتها وتحتاج إلى وعي وفهم لأنها عبادة ناقصة..(أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر )
علما ان العبادة تمثل العلة الغائية للخلق ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )
والعبادة أيضا لها علة غائية بحسب ظاهر القرآن الكريم(وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين)
وحيث أن درجة اليقين ليست درجة واحدة بل هي لا متناهي الدرجات فالإنسان يظل عابدا دون حد..
أي أن هناك قيمة وروح ومعنى للصلاة والصوم والزكاة ….الخ
فإن لم تحقق العبادة هذه القيمة لم تؤدِ رسالتها وبالتالي لم تسهم في المسيرة الإنسانية ولم تلعب دورا تربويا وإيجابيا في علاقة الانسان بأخيه الانسان ونحن نجد الكثير ممن مارس العبادة ولم ينتفع من عبادته!
فالذين حاربوا الحسين(ع) في عاشوراء قد صلى بهم عمر بن سعد صلاة الظهر! لكن اي صلاة وأي عبادة التي كانوا يمارسونها هذه الصلاة وهذه العبادة هي التي لا قيمة لها فهي عبادة فارغة من كل معنى وروح…
فليس كل من مارس العبادة أصبح عابدا، ولا يمكن أن تتحقق هذه القيم والمعاني بدون ممارسة العبادة الواعية المخلصة…
نحن بأمس الحاجة إلى توعية الأمة على معاني العبادة وأهدافها وقيمها فالعبادة تدعونا وتجسد فينا عمليا حب الناس فيجب علينا أن نعكس هذا الحب في كل تصرفاتنا لأن كل عمل يُقصد فيه وجه الله هو عبادة وحيث أن العبادة تدعونا لفعل الخير لأخواننا من بني البشر فإنها عبادة حقة وليست فارغة…
ومن هنا نجد أن الإسلام قد حرّم القتل والسرقة والاعتداء والظلم وأكل مال اليتيم والفتنة والنميمة والخيانة والكذب والغيبة والبهتان وكل هذه العناوين مؤشرات لتدهور علاقة الانسان بأخيه الانسان…
نحن سمعنا هذا الحديث(( خير الناس من نفع الناس)) والأحاديث والآيات كثيرة في هذا المجال في السعي لقضاء حاجة المؤمن وتنفيس كربته وازاحة همومه …..الخ
قال الله تعالى(( أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين))
سبحان الله التكذيب بالدين مقرون بهذه العلاقة علاقة الانسان بأخيه الإنسان!!
علينا أن لا نتصور أو نعتقد حينما يقدّم الواحد منا عطاءً  لا يدخل في مصلحته الشخصية اي شيء، أن هذا العمل فضل بل هو واجب وفرض تفرضه علينا العبادة التي نمارسها، العبادة التي تريد منا أن نكون موضوعيين لا أنانيين فليراجع كل واحد منا نفسه…
وأنا أؤمن بأن هذه المعاني مالم تتجسد على شكل نوايا طيبة وأفعال حسنة فإنها لا قيمة لها..
حتى أن الأعمال التي يقوم بها الفرد والتي هي بطبيعتها موضوعية أي خارج حسابات المصلحة الشخصية والأنانية، هذه الأعمال لها دور تربوي في تزكية العامل وسلامة قلبه وتخلق في نفسه الملكات الحسنة التي ترتفع به عن الشهوات المحرمة وعن التدني اي تخلق في نفس العامل أحوالا طيبة وقدرة على مصارعة النفس الأمارة والاهواء بدرجة أكبر واقوى….
نحن نحتاج إلى وعي العبادة وتجسيد هذا الوعي في كل جوانب حياتنا وعندها تزدهر علاقة الانسان بأخيه الإنسان وبالتالي نتقدم خطوات كبيرة باتجاه السعادة ونجاح الحياة واستقرارها….