شرّع الإسلام أنواعاً متعددة من العبادات، من أجل تزكية النفس البشرية وهي على نوعين عبادات قلبية: ومستقرها القلب، كالإيمان بالله وتوحيده، وحب الله ورسوله، والتوكل على الله، ورجاء رحمته، وخشية عذابه، والتفكّر في قدرة الله وعظيم صفاته…إلى غير ذلك من المعاني والأحوال القلبية التي أمر لله تعالى المؤمن أن يسعى الى تحصيلها.
عبادات عملية: وتشمل أركان الإسلام، كالشهادة وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت والجهاد، وسائر النوافل والتطوعات التي هي من جنس العبادات التي فرضها الإسلام، كما تشمل العبادات أيضاً: ذكر الله باللسان، كالتكبير والتسبيح والتهليل والحمد وقراءة القرآن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسائر ما يقوم به المسلم من أقوال وافعال، طاعة لله ورسوله، فكلها يجمعها معنى العبادات العملية.
والعبادة بهذا المفهوم إنما تقودنا إلى أمر في غاية الأهمية ألا وهو الطاعة التامة، والانقياد الكامل للباري، على أساس أنها (غاية التذلل، ومن أجل ترسيخ هذه الغاية المقدسة في نفوس البشر)، فقد تقصّد الباري أن يُصدّرها في أعظم سورة في القران الكريم بقوله إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (الفاتحة: 5) مريداً بذلك تذكيرهم بمعنى العبودية والاستكانة له، فالمتأمل بهذه الآية يجد أن (معنى نعبد: نخضع ونذل ونعترف بربوبيتك).
ولله الحمد أن معظم سياسينا وفي السلطات الثلاث يدعون التدين وملتزمون بالعبادات، فالسلطة التشريعية جُل الأعضاء منتمين إلى أحزاب إسلامية فمنهم دعاة وآخرون منظوين تحت خيمة حركات إسلامية، ومنهم تحت خيمة الحزب الإسلامي، وفي الجنبة التنفيذية فإن السطوة الكبيرة لمدعي الانتماء الإسلامي، ويومياً نسمع عن سرقات فاقت حدود العقول وحتى التوصيفات لهذه السرقات أصبحت من الصعوبة في مكان، فهذه سرقة القرن لأنها الأعلى رقماً وبعدها تأتي سرقات بأرقام أكبر بكثير حار الفقه السياسي والجنائي بتوصيفها، فماذا يمكن أن يطلق على هكذا سرقات بعد سرقة القرن وحقاً الله يكون في عونهم، ولا يمكن أن نستثني المنظومة القضائية بعد مؤتمر رئيس النزاهة القاضي (حيدر حنون) الذي شكك بنزاهة قاضي النزاهة السيد جعفر، وظهرت اتهامات للسيد حنون كذلك بكسب غير مشروع مستغلاً لمنصبه، وهذه الاتهامات هي الأصعب لأن القضاء هو الحامي للعملية السياسية في العراق.
الجميع يعلم أن شبهات السرقات تشمل الجميع وهؤلاء معظمهم كما أسلفنا من المتدينين الذين يقيمون العبادات على أحسن وجه، فلماذا لم تمنع هذه العبادات الكم الهائل من السرقات، والسؤال كيف لا تمنع العبادات السرقات لدى السياسيين العراقيين سنة وشيعة، هل هناك كفارات للسرقة، وبالأحرى يمكن لمن يسرق أربعون مليون عراقي أن تكون له كفارة؟؟.
ليعلم سياسيينا الكرام كل حديث عن الرسول الأكرم عن كفارة السرقة بالعبادة موضوع ولا أساس له، وكل تفسير لآية قرآنية يلمح لكفارة لمن سرق شعبه هو تفسير لا صحة له، وكل مشاركة في الشعائر الدينية لا تكفر عن سرقاتكم، فلا تلبسوا السواد على مصيبة الامام الحسين، ولا تسيروا على أقدامكم لزيارة الأئمة المعصومين وتسرقوا شعب الأمام الحسين فلن يغفر لكم.
الحل الوحيد هو أن تعيدوا أموال الشعب وتتوبوا إلى الله هو هذا الحل فلا تتعكزوا على ما ذكرناه أعلاه، واعلموا أن كل عباداتكم لا قيمة لها ولا أثر له أمام سرقاتكم لشعبكم، فإن كنتم مسلمين حقاً عليكم بإعادة هذه الأموال عسى أن تشملكم رحمة الله، اللهم أني بلغت فلا يغرنكم الشيطان ولا يغرنكم بالله الغرور