العام الهجري الجديد.. ثاني اثنين يقول لصاحبه: ‏”لا تحزن إن الله معنا”

العام الهجري الجديد.. ثاني اثنين يقول لصاحبه: ‏”لا تحزن إن الله معنا”

مع مطلع كل عام هجري جديد، يتذكر المسلمون تلك الرحلة الإيمانية الصعبة بمشقة وعورة الجبال والمسافة بين مكة المكرمة أم القرى والمدينة المنورة. في هذا اليوم تتجدد في قلوبنا مشاعر الهجرة النبوية، وتعود بنا الذاكرة إلى أعظم رحلة عرفها التاريخ، رحلة تَشارك فيها الإيمان الثابت مع القول الصادق. إنها تلك الرحلة التي غيّرت وجه الأمة، ورسّخت قيم التضحية والإيمان والصبر. رحلة كتب الله فيها نصرة الإسلام وانتشار مبادئه إلى بقاع الأرض الأخرى بعد مكة المكرمة…
‏رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صاحبه أبو بكر الصديق وهما يحملان راية الإيمان في قلوبهم وخلفهم جيوش من المشركين بكل فرسانهم البارزين.. يختبئون في ذلك الغار فتحدث المعجزات. من مخلوقات ضعيفة أخرى بإرادة الله سبحانه وتعالى..
‏عنكبوت ينسج بيته على الغار وحمامة تضع بيوضها عند بوابته وفي داخله رجلان وأمامهما كفار قريش بكل عدتهم وسلاحهم والصمت يسود داخل الغار ونظرة إيمانية من رسول الرحمة إلى صاحبه الصديق ولسانه ينطق بكلمات أنزلها له وحي السماء: “لا تحزن إن الله معنا.”
‏ثاني اثنين إذ هما في الغار…”
‏تلك الآية الكريمة لا تُقرأ إلا فتضيء القلوب، وتذكّرنا أن أعظم رفيق في أصعب اللحظات هو من قال له النبي: “لا تحزن إن الله معنا.”
‏ذلك هو أبو بكر الصديق، رفيق الهجرة، ورفيق الدعوة، ورفيق الصبر والثبات.
‏نعم، في العام الهجري الجديد، نتذكر أن الهجرة لم تكن فراراً وهروباً، بل كانت بداية لحياة جديدة، بداية لولادة دولة بُنيت على الإيمان والعدالة والإخاء. بداية لنشر الدين الإسلامي الحنيف بكل أركانه وتحويل المفهوم من السر إلى العلن…
‏لقد كانت كلمات “ثاني اثنين” درسًا خالدًا في الصداقة الحقيقية، وفي الثقة بالله مهما اشتد الخطب. ومهما كانت صعوبة الظروف لأنها صادرة من أصدق رجل عرفه التاريخ على مر العصور…
‏اليوم يستقبل المسلمون هذا العام الهجري الجديد ونحن نحمل في قلوبنا يقين “إن الله معنا”،
‏فلنكتب في قلوبنا وفي عقولنا تلك الدروس التي تجعلنا نستفيد من دروس الهجرة دافعًا للهجرة من ذنوبنا إلى طاعة الله، بكل قوة وعزيمة وأن ننهض من الضعف إلى الثبات، ومن الظلام إلى النور.
‏كل عام وأنتم بخير،
‏وتقبل الله منا ومنكم،
‏وكتب لنا الهداية كما كتبها لأصحاب الغار في أحلك الظروف. وأن لا نحزن أبداً فإن الله معنا…

أحدث المقالات

أحدث المقالات