23 ديسمبر، 2024 11:35 ص

العام الدراسي الجديد : دولمة وسلفة وذهب

العام الدراسي الجديد : دولمة وسلفة وذهب

لا انسى ذلك الصوت الابح ، الذي يملئ مخيلتي حناناً ورحمة، مهما طالت بي السنون ومرت علي الايام، انه صوت استاذي ومعلمي  في الابتدائية مطلع الثمانيات “استاذ شاكر” ، ولم انسى تلك الكلمات التي  كان يرددها (دار دور طاح) باعلا صوته ويرددها معه التلاميذ ،فهو لم يكن معلمي فحسب بل كان معلم والدي وعمي الاكبر ومعلم اغلب العشيرة ، كان يبعث معي “عمي” السلام له وهو يرده بابتسامه الجميلة ذاكراً اسمه الثلاثي ، لم يبحث استاذي عن الاعذار والاسباب لكي يترك التدريس او يتهاون في ممارسة مهنته يوما ما، حتى ايام الحصار الذي فرض على الشعب العراق ، رأيته بأم عيني وهو يحمل عددا من كتب القراءة معه الى البيت عابرا بها الشارع الرئيسي لخياطتها وتجليدها للأطفال ، لان الكتب كانت ممزقة وتالفة والبلد في حصار والاهل مشغولون في توفير الطحين .

استاذ شاكر وغيره الكثيرون من المعلمين والمدرسين الافاضل قدوة لمعلمينا في ايامنا هذه لكن قل المقتدون .

فهم من ساهم في  انتشال المجتمع العراقي من الجهل في عقود السبعين والثماني واوصلوه الى مستوى علمي يحلم العراق اليوم في بلوغه،

العملية التربوية في العراق بأمس الحاجة لأمثال هؤلاء ، فهي  منهارة حد التلاشي ، و تنذر بخطر كارثي على ابناء هذا البلد ، مناهجها بالية طبعت بنفس طائفي لم تراعى فيها الواقعية ولا العلمية ، وهي الهدف الاساس لمجمل العملية التعليمية، الكادر التدريسي يعاني من الضحالة العلمية والاداء المقنع وعدم الاخلاص الوظيفي ، يترك عمله التدريسي ويناقش اموره الشخصية مع زملائه (ماهي وجبه الغداد-دولمة لو سمج) هل توجد “سلفة” هذه الايام ؟ ومتى تنطلق ؟ بكم اشتريتي الذهب (المحبس و الباون و السنسال) هل من بائع على الاقساط ؟ هل تذهبون لمجلس الفاتحة ؟ ويطول الحديث وتمر الدقائق ويدق الجرس معلنا انتهاء الدوام بأكمله ، ويرجع اطفالنا كما ذهبوا.

هكذا تقضي ثلاث ساعات من الدوام المدرسي لمعلمينا وسط اكتظاظ المدرسة بالتلاميذ او الطلاب في مدارس طينة واخرى متهرئة و آيلة للسقوط ، على الرغم من انني لم ارى للبنية التحية دوراً اكثر من 5%  ، تأثيرا في المستوى العلمي لان مدارس القصب والبردي انجبت ما لم تنجبه المدارس الحديثة ، ان الخلل في المناهج العلمية وكادرنا التعليمي ، مرت تسع اعوام ولم يتم تغيير المناهج الدراسية بالصورة العلمية، بينما قطعت الدول المجاورة اشواطنا من التقدم والرقي في تلك الفترة الزمنة، تسع اعوام هو جيل بكاملة هو مرحلة من مراحلة الدولة القادمة

فيما ينسى معلمونا ايامهم السود قبل التعيين فتراهم متذمرين متشردين متململين متكاسلين متقاعسين بعد التعيين، بعلم او بدون علم ، متضرعين متحمسين مخلصين متوسلين قبل التعيين .

ولا اريد ان اتنكر لجهد الكثير منهم لكن يبقى تحت مسمى الجهد الشخصي او الفردي (اليد الواحدة لا صفق ).

هكذا سيمر العام الدارس الجديد علينا هذا العام دون تغيير يذكر ونسجله على انه العقد العاشر على رحيل الطغمة الظالمة السوداوية دون ان تغيير مناهجها واسلوبها ونتاجها العلمي .