طوال أربعة عقود من الحکم الاستبدادي المبني على القمع والعنف لنظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، حيث ذاق الشعب الايراني ظلما وجورا لايمکن وصفه او تحديده والتعبير عنه بکلمات وجمل معينة، حاول هذا النظام کأي نظام دکتاتوري قمعي شمولي آخر العمل بکل السبل من أجل تکريس بقائه الى أطول فترة ممکنة.
أموال الشعب الايراني التي سقطت في قبضة هذا النظام، تفنن في إستخدامها من أجل أغراضه وأهدافه وطموحاته الضيقة الخاصة وذلك في سبيل أن يجعل من حکمه القمعي الدموي أمرا واقعا لايمکن الخلاص منه أبدا، وبدلا من أن يصرف اموال النفط الطائلة من أجل النهوض بإيران وتقدمها من مختلف النواحي، فإنه قام بتبذيرها من أجل بناء أجهزة قمعية وشراء الذمم والضمائر وتنفيذ المؤامرات والمخططات المشبوهة ضد خصومه في الداخل وضد دول المنطقة والعالم ولاسيما من خلال تصديره للإرهاب الذي تفنن فيه حتى صار نظامه يحتل المرتبة الاولى من دون منافس في تصنيع وتصدير وإحتضان الارهاب.
السياسات الطائشة والبعيدة کل البعد عن روح الحرص والشعور بالمسؤولية أمام الشعب الايراني لهذا النظام ، أذاقت هذا الشعب کؤوسا من المرارة والاسى والالم، وقد أدت هذه السياسة الى جعل إيران مصدرا للقلق والتوجس في المنطقة والعالم بعد أن کانت إيران نموذجا للحضارة والتقدم والعطاء الانساني، لکن النظام الايراني إصطدم ومنذ البداية بالرفض غير العادي والعنيد لمنظمة مجاهدي خلق التي رفضت رفضا قاطعا إستبدال دکتاتورية بأخرى ولذلك فقد رفضت نظام ولاية الفقيه جملة وتفصيلا وهو ماأدى الى الاصطدام بينها وبين النظام الذي قام بصرف مبالغ خيالية طائلة جدا من أجل القضاء على هذه المنظمة وضمان بقائهم، لکن هذه المنظمة بقيت مصرة على النضال المرير وبمختلف الطرق والاساليب ودفعت في سبيل ذلك أثمان باهضة جدا وعانت وقاست کثيرا غير أن عزمها بقي راسخا لايلين، ولهذا فإنها کانت الامل الوحيد الواقعي بوجه هذا النظام الذي قام بتصفية وإقصاء معظم خصومه ومخالفيه ولم يبق هناك من خطر وتهديد قائم بوجه سوى منظمة مجاهدي خلق الخبيرة والضليعة في مقارعة الاستبداد وقهره وإسقاطه مثلما فعلت مع نظام الشاه السابق.
ونحن قد غادرنا العام 2018، فقد ظهر جليا للعالم کله أن مشاکل وأزمات النظام قد تجاوزت الحدود المألوفة بل وانها قد خرجت من دائرة وحدود معالجة وسيطرة النظام عليها، ولذلك فإن معالم الاوضاع بالغة السلبية قد بدأت تتجسد بصورة لايمکن للنظام إخفائها او التستر عليها بل وان المسألة قد وصلت الى حد المواجهة والخلاف المباشر بين أعلى رموز النظام حيث جسدت جانبا من الصراع المنفلت على السلطـة وأکدت للعالم کله من أن حکام إيران ان هم في حقيقة أمرهم إلا مجموعة من المتصارعين على السلطة والمتسابقين من أجلها إذ انهم يتوسلون بکل السبل والوسائل والاساليب لإسقاط بعضهم، خصوصا وإن العام 2018، کان عاما غير مسبوقا في تصاعد نضال المقاومة الايرانية داخل وخارج إيران کما إنه شهد إحتجاجات واسعة النطاق، والنقطة المهمة الاخرى إن عام 2018، قد شهد واحدا من أنجح و أضخم التجمعات السنوية للمقاومة الايرانية، وقد کان أکبر دليل على نجاح هذا التجمع، العملية الارهابية الفاشلة التي خطط لها بتفجير مکان التجمع في باريس والذي کشفته على حقيقته البشعة ولاسيما من حيث کون سفاراته أوکار للإرهاب والنشاطات المرتبطة به.
عام 2019، الذي بدأ أيامه الاولى بذلك القرار الحازم الذي أصدره الاتحاد الاوربي بإدراج وزارة المخابرات الايرانية ضمن قائمة الارهاب، وورث کل مشاکل وأزمات النظام خلال العام السابق، سيکون العام الاصعب لهذا النظام بناءا على مختلف الادلة والمٶشرات والمعطيات وإنه سيواجه مالم يواجهه خلال أي عام من الاعوام ال40 التي سبقته.