18 ديسمبر، 2024 8:03 م

العامل الكردي في السياسة الاسرائيلية تجاه العراق

العامل الكردي في السياسة الاسرائيلية تجاه العراق

اظهرت السنوات الاخيرة بعد الاحتلال الاميركي للعراق عام ٢٠٠٣, حقيقة العلاقة بين (اسرائيل) واكراد العراق, رغم انكار الطرفين, الواقع ان التمدد ( الاسرائيلي) في إقليم شمال العراق بعد عام ٢٠٠٣ أخذ أشكال متعددة منها السياسي والاقتصادي والعسكري والاستخباراتي, الوجود( الاسرائيلي) في شمال العراق ليس وليد اللحظة, فقد نشطت( اسرائيل) في شمال العراق خلال الستينات والسبعينات في إطار ما يعرف بسياسة ( شد الأطراف) وهي سياسة تعتمد على إيجاد ركائز رخوة في المنطقة تنفذ من خلالها على بناء علاقات وفرض وجود سياسي لها في المنطقة والتأثير على تطور الدول في المنطقة.

ظهرت السياسة( الاسرائيلية) جلية في هذا الاتجاه في أكثر من حالة, حيث لجأت (اسرائيل)الى استمالة الاكراد في شمال العراق, كذلك ظهر التدخل( الاسرائيلي) واضحا في منطقة عربية اخرى هي منطقة جنوب السودان , وصولا الى انفصال هذا الجزء عن بلده الام دولة السودان.

وفي حالة اكراد العراق, اتخذ الوجود ( الاسرائيلي) في إقليم شمال العراق اشكال عدة, حتى وصلت العلاقة بينهما الى درجة عالية من التنسيق والاستثمار في جميع المجالات . وبعد عام ٢٠٠٣ حيث افتتح اكثر من مكتب ارتباط في شمال العراق , وبات ذلك الجزء من العراق من أهم مناطق تواجد الموساد(الاسرائيلي).

الاهمية الاستراتيجية للعراق في المشاريع( الاسرائيلية)تظهر من خلال المحاضرة التي القاها وزير الأمن( الإسرائيلي)آفي ديختر في أيلول عام ٢٠٠٨ في معهد أبحاث الأمن القومي للاحتلال,حيث سلط الضوء على المخطط الصهيوني والعلاقة المشبوهة مع اكراد العراق حيث اكد( نحن لم نكن بعدين عن التطورات فوق هذه الساحة منذ عام ٢٠٠٣, وان هدفنا الاستراتيجي ما زال عدم السماح لهذا البلد( العراق) ان يعود الى ممارسة دوره العربي والاقليمي, لاننا سنكون أول المتضررين, سيظل صراعنا على هذه الساحة فاعلا طالما بقيت القوات الاميركية التي توفر لنا مظلة وفرصة لكي تحبط اية سياقات لعودة العراق الى سابق قوته ووحدته)

الى جانب ذلك( هناك جهود وخطوات نتخذها بشكل منفرد لتأمين ضمانات قوية لقطع الطريق على عودة العراق الى موقع الخصم, واستمرار الوضع الحالي في العراق ودعم الأكراد في شمال العراق ككيان سياسي قائم بذاته, يعطي ضمانات قوية ومهمة على المدى المنظور على الاقل, نحن نعمل على تطوير شراكة امنية واستراتيجية مع القيادة الكردية, وان ميدان هذه الشراكة هو العراق في الوقت الحالي.

إضافة لأهمية تحقيق الاستراتيجية( الاسرائيلية) في اقامة علاقات وثيقة مع اكراد العراق, هناك فوائد اقتصادية ايضا جمة حققتها ( اسرائيل) مع أكراد العراق, فوائد لا تقتصر على استيراد٧٧% من نفطها باسعار مخفضة من المناطق التي يسيطر عليها الأكراد شمالي العراق, وانما تمتد لما هو أبعد من ذلك, فقد كشفت صحيفة معاريف( الاسرائيلية) في حزيران ٢٠١٤ ان شركات انشاءات هندسية ومقاولات( اسرائيلية) تؤدي دورا في تدشين مشاريع بنى تحتية في الاقليم واضافت الصحيفة ان الشركات تتبع قيادات سابقة في اجهزة الاستخبارات( الاسرائيلية) وجهاز الاستخبارات الداخلية والعسكرية, وذكرت ان كبار قادة الاستخبارات يستغلون علاقاتهم القديمة مع الأكراد في خدمة مصالح شركاتهم ويقف على رأس المستثمرين ( الإسرائيليين) في الاقليم الجنرال داني ياتوم الرئيس السابق لجهاز الموساد.

بالإضافة للبعد الاقتصادي فقد كشفت مصادر دبلوماسية وتقارير اعلامية بان جهاز الموساد موجود في الاقليم منذ سنوات وقد كشف سيمور هيرش الكثير من مظاهر النشاط الاستخباراتي( الاسرائيلي) في شمال العراق ودوافعه, وطبقا له يهدف الموساد من تعاونه مع الاكراد الى مراقبة إيران بالأساس, وفي هذا السياق كشف هيرش وغيره عن قيام الطرفين بالتعاون مع المخابرات الاميركية بزرع اجهزة مراقبة متقدمة على الحدود وفي داخل الحدود الايرانية.

اما التعاون العسكري فيتخذ اشكال تدريب قوات كردية وامدادها باسلحة ومعدات عسكرية حديثة, وتجهيز منشآت حربية,وطبقا للصحف( الاسرائيلية) فان عدد من الشركات(الإسرائيلية) فازت بعقود مع الاقليم لتدريب القوات وبناء مطار عسكري في اربيل.

وعلى المستوى السياسي فان( اسرائيل) لا تعارض رسميا تطلع الاكراد الى قيام كيان كردي مستقل في شمال العراق, وهو الأمر الذي سبب ولا يزال توترا في العلاقة مع الحكومة المركزية في بغداد,ولعل ذلك يفسر تنامي اهتمام القادة الأكراد بالعلاقات السياسية مع تل ابيب وان كانت تتم في السر ومن دون ضجة اعلامية, وهذا ما يفسر أحياء عاصمة الاقليم اربيل لذكرى( الهولوكوست) بالرغم من عدم وجود أكراد يهود في شمال العراق, كما اعلنت السلطات الكردية نيتها انشاء كنيس يهودي وترميم الحي اليهودي في اربيل.

فضلا عن ذلك لا يمكن تجاهل الدور الأميركي في تنامي العلاقات بين ( اسرائيل) واكراد العراق هناك من يرى هذه المسالة جزء من السياسة الأميركية الفعلية لتطبيع العلاقات بين ( اسرائيل) وسائر دول المنطقة , في حين يرى البعض أنه لا يمكن للنفوذ( الاسرائيلي) ان يتمدد في شمال العراق من دون دعم اميركي وان ثمة تقارير تؤكد بأن التعاون مع الأكراد لتسهيل عملية مراقبة الحدود الايرانية ونشاطاتها العسكرية,

الواقع أن( إسرائيل) من خلال سعيها التقارب مع اكراد العراق, الهدف منها هو اثارة النعرات في المنطقة وكي تصبح المسالة الكردية شوكة بظهر بعض الدول العربية, كذلك بقاء حالة التنازع في المنطقة, مما يضعف الروابط الوطنية بين مكوناتها, وهذا ما يسهل على( اسرائيل) تنفيذ اجندتها التي وجدت من اجلها وهي إبقاء المنطقة في حالة صراعات وضعف, مما يسهل السيطرة عليها.