الحسين في مفهوم الخلود هو مقياس أوحد له, والخلود وفق الحسين هو قضية جامعة ومرنة تلم مختلف الايديولجيات في كنف الإنسانية, لذلك من الطبيعي أن تؤبد القضية لحسينيتها بعيدًا عن انهيار الخلود أمامها كفانٍ .
العاطفة والمشاعر, ومن منطلق الرغبة في فك الالتباس والتشابك على ماقد توحيه ظواهر المصطلحين نود التعريج على تعرفيهما من وجهة نظرنا والتي قد تكون خاطئة بنسبة كبيرة نظرًا لقصورنا بطبيعة العمر والإدراك.
فالعاطفة كمفهوم مبسط هي الحالة الذهنية المؤثرة في أحاسيس الإنسان نتيجة الاستجابة الفجائية لمؤثر ما، وبالتالي فأن توافر ظروف من شأنها إحداث اهتزاز فجائي في الجهاز العصبي مضاف لذلك أن تكون الأسباب في هذه الحالة ناجمة عن حادث أو قصة أو موقف والخ… لاوجود فيه للتراتبية المنطقية في توقع وقوعه, فتتشكل هذه الاستجابات بعيدًا عن سلطة العقل مكونة ( العواطف)،
بينما ينصرف مفهوم المشاعر للخزين العاطفي المتراكم من عدة مواقف سابقة اتجاه أمر ما بعد مدة زمنية غير محددة وضمن محددات عقلية تتسع أو تضيق بحسب الأشخاص, وبالتالي فعندما نكون أمام أحاسيس تستجيب بدرجات مختلفة للعقل أي أنها تخرج مصطحبة معها شيء منه نكون أمام (المشاعر).
وبعيدًا عن التقائهما في كون المشاعر هي نتاج العواطف لكن بلا شك هناك اختلاف مابين المفهومين, وبالتالي صعوبة بل قد يكون من المتعذر إطلاقا ظهورهما في آن واحد نتيجة خصوصية كل منهما,
لكن بصورة مذهلة تنسجم بطبيعة السمو مع قضية الحسين نجدهما قد اجتمعا في لحظة واحدة، فبالرغم من كون واقعة الطف قد مضى عليها سنين طويلة وبالتالي يكون تفاعل الأحاسيس معها قد جرى ضمن فترات زمنية مختلفة, فهي (مشاعر), لكن المثير في الأمر هو تجدد حالة الصدمة الفجائية للجهاز العصبي في كل مرة يعاد فيها ذكرها، اذ تخيم حالة الانفعال الآني على متلقيها وكأن القضية حدثت فجاة، فتتخذ التفاعلات بطبيعة مسارها هنا شكل( العواطف), ولعل ذلك يعود لما أفرزته واقعة الطف من مشاهد مؤثرة بعمق في الوجدان الإنساني, إضافة لما حملته هذه المشاهد من طبيعة ذات حدين أولهما شدتها الحسية المتمثلة في الفيض العاطفي الذي تبنته, ثانيهما تصويرها الحي والجامع للمفاهيم المختلفة للأخلاق بين الأمم, فنحر الرضيع في أحضان والده وكيفية التحاق أصحابه والحوارات التي جرت تشكل أمثلة تتابعًا على ما ذكرناه, الغاية النبيلة المتمثلة بالأهداف التي نادى بها الحسين والتي تشكل قمة الإجماع العالمي على المبادئ وفي مختلف العصور فالإصلاح والحرية مفهومان لايتجرأ أحد على الاختلاف فيهما (بعيدًا عن النوايا الحقيقية) وهذا ما أسس للتداخل العقلي والعاطفي أتجاه هذه القضية (مشاعر), بيد أن الوسيلة التي أتخذها الحسين في سبيل الوصول لما نادى به , تشكل بمجموعها وبكل ماتحمله واقعة الطف من مجريات وقصص أليمة فيض عاطفي عصي على التأثيرات العقلية (عواطف).
في الختام أن ماذكرته أعلاه من اتحاد المفهومين في الوقت ذاته أدى لما نستطيع أن نسميه الفيضان العاطفي الذي غمر محبي الحسين، وهو أحد الأسباب التي ساهمت في جعل هذه القضية متجددة في كل سنة, كما يفسر ذلك أيضًا تغليب العاطفة فيها عن ما سواها من جوانب ذات أهمية قصوى ينبغي العمل مستقبلًا على ايلائها اهتمام أكثر.