تكثف بشكل واضح الظهور الإعلامي لبعض المسؤولين هذه الأيام من خلال تصريحات وحوارات ولقاءات عبر الشاشات البيضاء، ومشاركات في برامج فضائية مختلفة، ولعل الدافع الأساس في هذا الظهور لبعض الشخصيات دعاية انتخابية مجانية مبكرة .. اذن الانتخابات على الأبواب واذا تحقق ذلك فعلا في أيلول القادم، فان المسافة الزمنية بين كانون ثاني وأيلول ليست بعيدة بل هي (رمشة عين) في حسابات الزمن السريع .. واذا كانت الدعاية الانتخابية عملا مشروعا وانها متاحة في هذه الفترة خاصة وانها غير معلنة، اي غير مباشرة فان ما يمكن املاؤه من قبل المعلنين على الجمهور لا يؤثر في الوقت الحاضر ولا اعتقد انه منتج .. الا ان بعض الشخصيات وحسب الظاهر وضعت استراتيجية للدعاية الانتخابية قد تكون هذه بداياتها، وهناك مراحل متتالية يتم خلالها تصعيد الخطاب الانتخابي وصولا الى مرحلة تسقيط الاخر. هذه الدعاية التدريجية قد تؤتي اؤكلها وثمارها بعد حين. فهؤلاء الذين بدؤوا الدعاية الانتخابية المبكرة لم يكونوا ساذجين، بل هم محترفون وخبراء بحيث استغلوا وسائل الاعلام ابشع استغلال للترويج عن انفسهم بشكل غير مباشر ، واحيانا يقبضون اجورا عن ذلك .
كثير من المرشحين للانتخابات السابقة استفادوا من الظهور الإعلامي المكثف للفوز بمقعد في مجلس النواب او مجالس المحافظات، لذلك فهم يمتلكون تجربة لان أصوات الجمهور تعطى أحيانا للأشخاص المشهورين والمعروفين والمتداولة صورهم واسماؤهم. المشكلة لا آلـية ولا طريق امامنا سوى الانتخابات لتعيين من يمثلون الشعب.. ومع ان الشعب غاضب على الذين رشحهم وصوت لهم وفازوا في الانتخابات السابقة ولم ينتجوا ولم يقدموا منجزا ولم يحققوا الأهداف المعلنة او طموحات جماهيرهم . الا ان هذا لا يعني العزوف عن التصويت الذي يروج له البعض لافراغ الانتخابات من محتواها، وهذا هدف بعيد المدى لاسقاط العملية السياسية، فلا بديل للانتخابات ولا آلـيات يمكن ان تؤدي الدور مثلما تفعل صناديق التصويت .. الانتخابات في الحقيقة مصدر للإصلاح والتغيير وابعاد المفسدين وغير المستحقين لان يكونوا ممثلين للشعب، وتنصيب من يمتلكون الكفاءة ويتمتعون بالنزاهة ويسعون لبناء الوطن، ذوي الهمم العالية والجهود المثابرة والرغبة في خدمة الناس.. وهؤلاء موجودون لكنهم لايعلنون عن انفسهم مثلما يفعل النواب المخضرمون . اذن مثلما نشهد اليوم تنافسا محموما للظهور الإعلامي وتسابقا الى الشاشات الفضية وصفحات الصحف، فاننا سنشهد بالمقابل مرحلة تنعدم فيها الرؤية بسبب حملة السيئين الداعين الى عدم التصويت، وعدم المشاركة بحجة ان من انتخبناهم سابقا لم يكونوا بالمستوى المطلوب، وهكذا الامر بالنسبة للانتخابات الجديدة ويطالبون الناخبين بالمقاطعة.. وقد ينجحون في حجب كثير من الأصوات من خلال الدعاية المضادة، وهذا خطر كبير على الديمقراطية، فهم ينتزعون الثقة، ويضعون بون شاسع بين المرشح والناخب حتى تحصل القناعة بأن لا جدوى من التصويت.!