ما حدثَ في القائم لا يُمكن تبريره من الحكومة العراقية أو الجهات الرسمية الأخرى بهذا التلاعب بالألفاظ وإسقاط المسؤولية عن المسبب لهذه الجريمة البشعة والبحث عن تبريرات غير مقنعة ومضحكة بعد إستشهاد عشرات الأبرياء العزَّل من بينهم نساء وأطفال في سوق المدينة .. الناطق بإسم وزارة الدفاع العراقية يُبرر قصف هذه المنطقة بوجود عناصر من المجرمين الدواعش في أحد أبنيتها وهو ما يتناقض تماماً مع عدد كبير من الصور والشهادات لمواطني المدينة ومنظمات إنسانية أخرى أكدت أنَّ المنطقة التي إستهدفها القصف بطائرات السيخوي العراقية هي سوق شعبي كبير يرتاده الناس للتبضع والتسوق .. نداءات التنديد وصيحات الإحتجاج والدعوات بفتح تحقيق فوري بمن تسببَ بوقوع هذه الجريمة لا تكفي .. فردود الحكومة العراقية ومتابعتها للموضوع عبرت بلا أدنى شك عن عدم إهتمامها والإكتفاء ببعض التصريحات الغامضة أو المتشكك.. ولمن ليست لديه معلومات كافية عن مدينة القائم لابد لنا من التذكير بأنها أحد أكبر أقضية محافظة الأنبار مساحةً وتقع إلى أقصى حدود العراق الغربية المحاذية لسوريا ويعيش فيها أكثر من 300000 من المواطنين العراقيين من مختلف القوميات والطوائف والعشائر وتتربع على ثروات نفطية ومعدنية هائلة كالنفط والغاز ( غير المستثمرتين ) والفوسفات وتأسست فيها معامل مهمة كالشركة العامة لصناعة الفوسفات التي تجهز الأسواق العراقية والعربية بكميات من أسمدة متنوعة والشركة العامة لسمنت القائم وغيرها من المصالح والمعامل والشركات والمناطق الزراعية ومخازن نفطية كبرى وخطوط ستراتيجية رابطة بين العراق ودول العام تمر من المدينة.. قوات الإحتلال الداعشي أسقطت المدينة بعد معارك ضارية مع قوات جيشنا الباسل ومن ثم الهيمنة على مناطق أخرى قريبة من المدينة لكي تكتمل في أواخر عام 2014 مؤامرة ضمها إلى الحدود السورية في منطقتي البوكمال ودير الزور المحتلتين أصلاً من الدواعش .. والإعلام الداعشي إستغلَّ هذه الجريمة البشعة لصالحه وعرض من إحدى قنواته الإعلامية مشاهد لسقوط مدنيين وتدمير أبنية وسيارات ومحلات للمواطنين وحاول قدر الإمكان إبعاد مقاتليه عن الظهور في اللقطات التي تمَّ عرضها.. الإعلام العراقي إختلفت وتناقضت تصريحاته وتقييمه لهذه الجريمة.. وبدأ العراك السياسي والحزبي يلوح واضحاً في أفق ماتحدث به المسؤولون.. فرئيس البرلمان العراقي وعدد قليل من أعضاء مجلس النواب عن محافظة الأنبار ومجلس محافظة الأنبار حمّلوا الحكومة العراقية مسؤولية ماحدث والتأكيد على ضرورة تحقيق سريع لتحديد المسببين بوقوع هذه الجريمة بحقَّ الأبرياء العزل من أبناء مدينة القائم.. لكنّي على يقين تام أنَّ الموضوع سوف يُهمل ويُنسى خلال أيام إن لم يكن ساعات! هذه الجرائم لاتمنح الحقَّ لأيٍ كان أن يتعامل مع الأبرياء وقتلهم وتدمير ممتلكاتهم بحجة مقاتلة الدواعش ومطاردتهم فماحدث يُعبر بلاأدنى شك عن ضعفٍ كبير في الميدان الإستخباري العسكري وعن ضعفٍ أكبر في الطرق القتالية وقصف الأهداف المعادية بعد أن وصلَّ التطور في هذا المجال إلى تحديد أهداف معادية بالأمتار كي يتم تدميرها بعيداً عن التأثير أو تضرر المواطنين الأبرياء فهدف الدواعش الإحتماء بين صفوف المدنيين وهو مايجب أن تنتبه إليه القوات العراقية وقادتها تطبيقاً على الأرض وليس من خلال التصريحات المتكررة فقط .. الرحمة لشهداء مجزرة القائم الأبرياء