الطيار !!…
قصة قصيرة.
بينما هو في طريقه إلى القاعدة الجوية
لتنفيذ مهمة اُنيطت إليه بطائرته القاصفة.
رَنَّ هاتفه المحمول، حيث أخبرته إبنته
بِعيد ميلادها السادس، وأنها كانت تتمنى لو أنه لم يكن خارج الوطن ليحضر الإحتفال.
بدوره، إعتذر منها ووعدها بهدية ثمينة
بهذه المناسبة عند عودته.
وبمجرد وصوله إلى القاعدة الجوية تلك،
حيث بإنتظاره طائرته التي تقدر قيمتها مع حمولتها من الصواريخ بملايين الدولارات.
حَلّقَ بها عالياً نحو الهدف، وهو عبارة
عن قرية نائية شِبه مُدَمَّرَةٍ تقع على سفح جبل قاسٍ مُعقد التضاريس.
بالمقابل وعلى الطرف الآخر، كانت هناك
طفلة صغيرة لم تتجاوز السادسة من العمر تحمل ماءاً وبعض الفاكهة، وهي في طريقها إلى كوخها المُتهالِك في تلك القرية.
هذه القرية التي هجرها أهلها سابقاً،
وذلك لكثرة الصواريخ والقنابل التي كانت تستهدفها طول الوقت.
حيث لم يبقَ فيها سوى هذه الطفلة مع جدتها
الضريرة ووالدها الذي كان قد فَقَد إحدى ساقيه سابقاً نتيجة لُغم أرضيّ.
وبالتزامن مع وصول الطفلة إلى الكوخ،
كان الطيّار بدوره قد حدد الهدف وضغط على زر الإطلاق.
وبِلَمْح البصر، اُحيل الكوخ البائس بِمَنْ
فيه إلى أثَرٍ بعد عين.
لِيصل الخبر إلى العاصمة، ويبدأ الاحتفال
بالنصر على الإرهاب.
حيث تم رفع العَلَمْ بنجومه الخمسين مُرَفْرِفاً
مُتَزامناً مع عزف النشيد الوطني، فيما يُرَفْرِفُ من على جانبيه كل من عَلَمِ الإتحاد الأوروبي وحلف الناتو.
ولِكي تَعُمَّ الفرحة كل المعمورة، وصلت
إلى المُحتفلين بطاقة تهنئة باردة وخجولة من موسكو، وكذلك قِبلةٌ وُدِّيَّةٌ حارَّةٌ من الملكة إليزابيث.
أما الطيار، فهو كغيره من سَماسِرة الحروب
المُصطنعة.
فقد ترك طائرته القاصفة في القاعدة الجوية
هناك في البَلد المُرْتَزَقْ، وعاد إلى بلاده على مَتْنِ طائرة مدنية.
لِتستقبله إبنته هناك في المطار استقبال
الأبطال، وتطبع على خده قبلة إفتخار الطفل بأبيه.
وهي لا تعلم، أنها إنما تقوم بتقبيل قاتل،
قد عاد للتَو من مهمة خبيثة، ألا وهي قتل طفلة بريئة بنفس عُمرها، لِتَتَناثر أشلاؤها في الهواء، وتَتلون صخور قريتها بلون الدم.
===============