23 ديسمبر، 2024 7:19 م

الطلبة المترفون يغزون جامعات التعليم العالي

الطلبة المترفون يغزون جامعات التعليم العالي

قررت وزارة التعليم العالي إستحداث التعليم الخاص الصباحي في الجامعات و المعاهد مقابل مبلغ من المال. و مقابل هذا المبلغ من المال يكون معدل الطالب المقبول في هذه الدراسة يقل بمقدار درجتين صحيحتين عن أقل معدل مقبول في التعليم العام. أي إذا كان أقل معدل مقبول في كلية الطب للتعليم العام هو 98% فإن الطالب الذي معدله 96% سيحصل على قبول في هذه الكلية بعد أن يدفع هذا المبلغ من المال تحت عنوان التعليم الخاص الصباحي. و بكلمة أخرى فإن هذه خدمة للطلبة المترفين الذين يستطيعون دفع الأموال لأن يحصلوا على الشهادة الجامعية بأموال ذويهم بعد أن عجزوا في الحصول عليها بجهودهم الذاتية. و التعليم الخاص الصباحي هذا يمنح لخريجيه إمتيازات التعليم العام الصباحي و الذي لا يمنحه التعليم المسائي، و سيعتبر الطالب كأنه متخرج من التعليم الصباحي العام.
في هذا الإجراء خرق لأحد واجبات وزارة التعليم العالي في أن تكون عادلة في توفير التعليم لجميع الطلبة المترفين و المحرومين على حد سواء إعتمادا ً على مقياس واحد و هو معدل الدراسة الإعدادية و ليس دفع المبالغ المالية من قبل الطلبة المترفين. و هذا الإجراء يخالف الدستور في مواده التالية: المادة 14 ((العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الإقتصادي أو الإجتماعي)). المادة 16 ((تكافؤ الفرص حق مكفول لجميع العراقيين و تكفل الدولة إتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك)). المادة 19 – سادسا ً ((لكل فرد ٍ الحق في أن يعامل معاملة عادلة في الإجراءات القضائية و الإدارية)).
ليس هذا الإجراء الوحيد لوزارة التعليم العالي الذي يصب في صالح الطلبة المترفين دون الطلبة المحروفين. فالإجراء الآخر السابق لهذا الإجراء الذي يستفيد منه الطلبة المترفين هو الدرجات الإضافية التي يحصلون عليها لقاء دراستهم اللغة الفرنسية في المدارس الخاصة التي توفر هذه الدراسة و التي هي في متناولهم، حيث أن هذه المدارس الخاصة موجودة في المناطق المترفة دون المناطق المحرومة.
و على منوال إبتداع التعليم الخاص الصباحي و إضافة درجات إضافية لدارسي اللغة الفرنسية، فإن وزارة التعليم العالي ستبتدع مستقبلا ً إجراءات جديدة تصب في صالح الطلبة المترفين للحصول على الشهادة الجامعية ينافسون بها الطلبة المحرومين الذين يعتمدون على جهودهم الذاتية، مثل إمتحان المؤهلين للمجموعة الطبية.
إضافة ً لذلك و نظرا ً لتردي الواقع التدريسي للمدارس فإن الطلبة المترفين دون الطلبة المحرومين لديهم الإمكانية لدفع أجور التدريس الخصوصي من أجل الحصول على معدل عال للقبول في الكليات المرغوبة. أي إجمالا ً فإن القبول في الكليات المرغوبة يتجه بأن يكون محصورا ً للطلبة المترفين الذين يستطيعون دفع المال لقاء الإجراءات التي تسنها وزارة التعليم العالي و الإخفاقات المصاحبة لتردي واقع التعليم.
إن مثل هؤلاء الطلبة المترفين الذين يحصلون على شهاداتهم الجامعية عبر هذه المسالك فإنهم سيكونون متطلبين و أقل كفاءة من نظرائهم الآخرين الذين يحصلون على شهاداتهم الجامعية إعتمادا ً على جهودهم الذاتية. و هم نتيجة لذلك أحد أسباب تردي التعليم لمجبورية وزارة التعليم العالي على تخريجهم لكيلا تتهم بعدم الكفاءة بسبب إنخفاض نسبة النجاح و الضغوطات من خلف الكواليس.
إن سلوك مثل هذا المسلك في تخريج مثل هكذا طلبة من الجامعات سيضع مقدرات الدولة بيد أشخاص عديمي الكفاءة، عندما سيتوظفون فيها، و يمتلكون نظرة دونية للآخرين الذين لم يستطيعوا دفع ما دفعوه للحصول على شهاداتهم الجامعية.