تحتفل الكثير من دول العالم باليوم العالمي للطفل وباوقات مختلفة ومنها في شهر تشرين الاول من كل عام ، نحن في العراق هل نحتفل بعد تشرد العائلات الى خارج الوطن ونزوح الاخرين داخله والارهاب والعصابات المنضمة ،ثم تهجير ونزوح الالاف بعد ان هدمت بيوتهم ومؤسساتهم التعليمية ولجأ معظمهم الى الخيام في أماكن نائية لا وجود لمدارس او معاهد فيها ،عمليا حرم الطلبة والأطفال من التعليم في جميع المراحل وبالأخص الدراسة الابتدائي والمتوسطة التي تخص الطفل العراقي، كما ان العديد من اطفلنا فقدوا معيلهم واصبحوا يتسولون في الشوارع وبيع السكائر وغير ذلك لكسب لقمة العيش لعوائلهم ، اكيد هذا الطفل فقد شخصيته الاجتماعية واضطرب سلوكه نتيجة المعاناة والقلق النفسي والاكتئاب ودفع العديد من الأطفال الى الانحراف والسرقة والكذب والعنف ، اذهبوا الى منطقة معامل الطابوق ستجدون مئات من الأطفال يعملون لإعاشة عوائلهم
زوروا شوارع العاصمة بغداد وشاهدوا الأطفال بعمر الزهور يفترشون الأرض لبيع السكائر وبعض اللوازم الاخرى، وأيضا ستنبري لكم سيارات التاكسي وهي تنقل العشرات من الأطفال لتوزيعهم على الشوارع والازقة للتسول تديرهم شبكات من العصابات ثم تستخدمهم للسرقة والمخدرات والجرائم الأخرى اذهبوا الى ورشات تصليح السيارات والى الأسواق ستجدون مئات من الأطفال يعملون بأجور زهيدة جدا وبخلاف احكام قانون العمل وتسربوا من مدارسهم ، وحالات أخرى غير أخلاقية يستغل الأطفال فيها لبراءتهم وصغر سنهم، ناهيك عن جرائم اختطاف الأطفال والمساومة عليهم او بيعهم والمتاجرة بهم خارج الوطن، ويشاهد العالم من خلال شاشات التلفزيون حال الأطفال في المخيمات وهم يعانون اقسى الظروف التي لا يتحملها البشر بالإضافة الى فقدانهم الدراسة والتعليم .. ان حال الطفولة في العراق اسوء ما في العالم هذا ما تؤكده منظمات الأمم المتحدة والجهات المعنية بحقوق الانسان لأنها مخالفة لمبادئ إعلان جنيف لحقوق الطفل لعام 1934 وإعلان حقوق الطفل الذي اعتمدته الجمعية العامة في 30/ تشرين ثاني / 1959والمعترف به في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ولا سيما في المادتين 33 ،34 كما تعترف الدول الموقعة إن لكل طفل حقا أصيلا في الحياة ، وعليها تسجيله فور ولادته وله الحق في الاسم والجنسية، و ينبغي إن ينشأ في بيئة عائلية وفي جو من السعادة والمحبة والتفاهم، وتربيته بروح المثل العليا، وخصوصا بروح السلم والكرامة والتسامح والمساواة والحرية والإخاء ، وتكفل الدولة هذه الحقوق وفقا لقوانينها والتزاماتها بموجب الصكوك الدولية المتصلة بهذا الشأن . اليس من حقنا ان نقارن بين حال الطفل العراقي.. وبين حال الطفل في دول العالم المتحضر؟ عندها سندرك كم كنا على خطأ في رعاية الطفل، وان التاريخ سيلعننا لغدرنا بالطفولة!
وهذه لمحة بسيطة عن الطفولة وتعليمهم في الغرب:
التعليم في مراحل الطفولة المبكرة اخذ ازديادًا واضحًا في العالم حيث انضمت العديد من المدارس الخاصة وبعض المدارس الحكومية لتقدم تعليم مرحلة ما قبل المدرسة وقبل الروضة (والذي يعرف ما قبل الحضانة) فإن السنوت الثلاث إلى الخمس الأولى من حياة الطفل يمكن أن تكون هي الفترة الأكثر أهمية في تعليمه. وخلال هذه المرحلة العمرية، تسعى هذه العقول الصغيرة بجد لتطوير الجوانب البدنية والفكرية والعاطفية وتبنت العديد من الدول اسلوب التعليم ما قبل الحضانة. يبدأ الأطفال تعليمهم الرسمي في حوالي سن السادسة وقبل ذلك يلتحقون ببرنامج للروضة في سن الخامسة أو برنامج للحضانة قبل ذلك السن). يلي ذلك اثنا عشر عاما من الدراسة، حيث يكمل الطالب عادة الصفوف الدراسية من الصف الأول حتى الثاني عشر
بناء الطفولة : الدولة تتكفل الطفولة أينما تكون في المدرسة او البيت في الجانب العلمي ،والمعاشي ،والصحي ،والاجتماعي ، وتقدم لطلاب الصفوف الابتدائية والمتوسطة ايضا وجبات فطور صباحا وأخرى ظهرا (بوفيه) كما تتكفل الدولة الحفاظ على تنشأت الطفل بشكل سليم حيث لا يجوز معاملته في المدرسة او في البيت بالزجر والضرب او استخدام العنف معه من قبل إدارة المدرسة او البيت واي مخالفة تخضع للمسائلة ، كما تقوم مراكز طبية متخصصة بزيارة مدارس الأطفال لأجراء فحوص دورية للسمع والنظر ، والاسنان مجانا للتأكد من سلامة الاطفال، كما تضم مدارس الأطفال باحثات متخصصات اجتماعيا يراقبون الأطفال ويسعون لمعاونتهم في كثير من الحالات وبنفس الوقت يقدمون العون لعوائل الاطفال من ذوي الدخل المحدود ، وتقوم الباحثات بين فترة وأخرى اعداد حقائب تحتوي على عدد من المواد التي تحتاجها هذه العائلات وترسلها لهم دون علم أي احد. ويتناول الطلاب المناهج المقررة لمراحل دراستهم، بالإضافة الى محاضرات إضافية تركز على حب الوطن والإخلاص له ،والحفاظ على النظافة في المرسة وفي جميع الأماكن وسلوك الطريق السليم بالتعامل مع الاخر والتسامح والابتعاد عن الكذب والسرقة والعنف ،كل ذلك لغرض بناء شخصية الطفل.ومعظم أطفال المدارس ينقلون بسيارات الباص من البيت الى المدرسة وبالعكس ،وباصات الطلبة تتمتع بامتياز عند وقوفها لنقل الطلبة حيث تلزم كل السيارات الخاصة والعامة بالوقوف خلفها او بجانبها لحين صعود الطلبة او نزولهم وهناك أيضا مرشدين عند باب المدارس لمساعدة الأطفال حال خروجهم او عبورهم الشارع.
اما مدارس الأطفال شيء رائع (عندما تشاهدها ستصاب بحصرة وألم على حال مدارسنا )صالات الدراسة واثاثها تحتوي كل وسائل التعليم وأجهزة الكومبيوتر قاعات منتشرة لكل اقسام الرياضة والفنون ، مخازن وورش ومطابخ والعديد من الأماكن الصحية ،ناهيك عن الحدائق التي تزهو بأنواع الزهور والأشجار وساحات الألعاب الرياضية المتنوعة ، وتقوم الإدارة بوضع مناهج لتوعية الأطفال من خلال الزيارات الى كثير من المؤسسات والمراكز التجارية والترفيهية ،والحدائق العامة وحدائق الحيوانات بالإضافة الى سفرات متنوعة الى المراكز التاريخية والتراثية وسفرات الى المدن ، او غير ذلك العديد من الخدمات والهدايا ووسائل الايضاح التي تقدم للطفل من قبل الدولة والمؤسسات والشركات التعليمية والخيرية .وبين فترة وأخرى تلتقي الإدارات مع أولياء الأطفال وتقوم كل معلمة حسب منهجها بشرح وضع أطفالهم بالتفصيل ، ويتعامل المدرسين والمرشدين مع الطلبة الأطفال بكل لطف وشفافية ، ان رعاية الطفل تفوق أي رعاية أخرى .
هذه لمحة مختصرة عن رعاية الطفل في الغرب وامريكا ، كي نحصي مظلومية أطفالنا الذين فقدوا مدارسهم ووسائل التعليم والمعرفة ؟، يسرحون في ارض الخراب دون العناية الصحية والغذائية وتحت ظروف قاسية من الحر والبرد والمطر، وهم رجال المستقبل لا كننا نبعثهم ظلما لمستقبل مجهول بغير حسام؟