23 ديسمبر، 2024 9:50 ص

الطفل الرضيع لا تسكته القبلات

الطفل الرضيع لا تسكته القبلات

مسلسل الأحداث الدرامية التي أدت إلى استغلال اراضي العراق الجديد وانتهي ذلك الفصل الساخر المضحك الذي كانت تمثله امريكا وايران له في إطار اللعبة الكبرى التي لعبت وتلعب إدارة أمريكية متطرفة بحياة جنودها وحياة شعب وبمصير بلد مهدد في هويته وكيانه . انتهت اللعبة يوم 9 أبريل 2003 عندما سقطت بغداد عسكريا أمام القوات الأمريكية, وقصد باللعبة انتهاء المسرحية التي استمر عرضها سنوات طويلة علي مسرح الأمم المتحدة ( مجلس الأمن والجمعية العمومية ) وشارك في تمثيلها لاعبون كبار هم: الولايات المتحدة وبريطانيا وعدد من أعضاء مجلس الأمن, منهم أعضاء دائمين وأعضاء غير دائمين و كومبارس كبير من الدول , ومن خلف الكواليس دول أخرى لها مصلحة مباشرة في تدمير العراق , ولكن لم يكن النظام العراقي ضمن اللاعبين بل إنه ظل فترة طويلة يعتقد أنه يمكنه فضح اللعبة سياسيا ودبلوماسيا باستجابته السريعة لمطالب الأمم المتحدة وبعد ذلك من خلال الصمود والمقاومة كي لا يسمح للجيوش الأمريكية والبريطانية بتحقيق انتصار سهل وان كانت أحوال القوات العراقية ( و الشعب) ما كانت لتشجع علي القول بأنها تستطيع الوقوف لفترة طويلة بوجه القوات المعتدية فاللعبة التي فرضت علي النظام العراقي كانت أكبر منه < وعادة ما يدفع اللاعبون الصغار الثمن، فاللعبة بدأت قبل عام 1991 حيث فكر اللاعبون الكبار ( أمريكا وبريطانيا والصهيونية ) في كيفية تدمير قدرة العراق العسكرية وتغيير النظام السياسي فيه واستخدمت الأمم المتحدة كأداة يمكنها أن تقدم غطاءا شرعيا لأي تحرك عملي. ثم كانت الأمم المتحدة المسرح الذي جرت عليه أحداث أو فصول اللعبة بنيت اللعبة في الأساس علي وهم أحد الأطراف يكذب ويعرف أنه يكذب ويحاول أن يستمر في الكذب علي أمل أن يصدقه الآخرون و الآخر مستمر في اللعبة من أجل أن يثبت أمام شعبه أو أمام العالم انه يستطيع مقاومة هؤلاء الكبار
( أمريكا وبريطانيا ) أما الأمم المتحدة المسرح الذي يتم عرض المسرحية عليه فهي ليست لاعبا أساسيا، بل إنها أداة بأيدي اللاعبين الكبار يستخدمونها متي أرادوا. لقد حاول العراق أن ينقذ ما يمكن إنقاذه بعد الفشل المروع الذي حدث عام 1991 حتى أخرج بالقوة من الكويت ومني بهزيمة كان يجب أن توقظه من وهمه وتعرفه على حقيقة حجمه، لكنه تصور أن حجمه قد كبر بعد ذلك لمجرد انه ظهر أمام الرأي العام العالمي أنه يستطيع مقاومة اللاعبين الكبار. المسرحية التي ألفها و أخرجها أمريكيون وبريطانيون ( وآخرون خلف الستار ) لإقناع العالم بأن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل أصبحت معروفة المعالم واضحة الأهداف للجميع – عدا عراق صدام ومنذ وقت مبكر وبعد أحداث 11 سبتمبر – واليمين الأمريكي الجديد يبحث عن كبش فداء وكان العراق وبعد جولة علي مسرح الأمم المتحدة انطلق اللاعبون إلى مسرح مجلس الأمن لمواصلة اللعبة وأياً كان المسرح فإن الحوار والسيناريو وسائر عناصر اللعبة توضع كلها في البنتاجون والبيت الأبيض ووزارة الخارجية . أما العراق فمنذ حرب الخليج الثانية لم يكن أكثر من لاعب سلبي فرضت عليه اللعبة دون أن يعرف أبعادها و أهوالها وحتى وان عرف بعضها فهو غير مهيأ تماما لمواجهتها ولذلك كان يلعبها في إطار دفاعي محدود وبوسائل وأساليب قائمة علي حسابات خاطئة وعلى مسرح الأمم المتحدة التي مثلت تلك الخشبة التي جرت عليها وقائع اللعبة عقدت الجلسات التي دعا لها مجلس الأمن، حيث أعلن كولن باول أنه سيأتي إلى الجلسة ومعه الأدلة الدامغة بأن العراق يمتلك أسلحة الدمار الشامل وحضرت تلك الجلسة باعتباري أمثل البلد محل النقاش , وحضر كولن باول ومعه تينت مدير CIA وكان الهدف أن تحصل الولايات المتحدة علي الترخيص باستخدام القوة وكانت تلك الجلسة معدة لتكون الطريق للحجة الدافعة، طريق الإجماع لاستخدام القوة العسكرية ضد العراق فإذا بها ترتد عليهم وتصبح الدليل القاطع علي نظافة
العراق \ثم بدأت الحرب وظلت الاتصالات تأتينا من بغداد أن الوضع تحت السيطرة بدأت الحرب و انقطعت الاتصالات المباشرة و أصبحت أتلقى معلوماتي من الفضائيات حتى اتصل بي رئيس دائرة المنظمات الدولية العراقي يوم 8 إبريل أي قبل يوم واحد من سقوط بغداد يطمئنني علي الوضع في العراق وأن الأمور جيدة !! ثم فجأة شاهدت علي شاشة CNN أن المطار قد سقط ولا أحد يعرف الحقيقة بل ذهبت مع العراق أسرار المعركة التي كان يعول عليها في حماية بغداد من الوقوع في الأسر , ويجب أن يعرف الخاسرون كيف يخرجون من الحلبة بأقل قدر من الضجيج على العراق لتعطي الدليل القاطع علي فقدان المرجعية العالمية التي يمكن العودة إليها أو وساطتها لحل المنازعات الدولية و السبب هو سيطرة الولايات المتحدة علي سلطة اتخاذ القرار في مجلس الأمن فهي دولة المقر لهذه المنظمة وتتمتع بحق الفيتو ولا تتردد في استعماله ، بالإضافة إلى مساهمتها الكلية في ميزانية المنظمة والتي تجاوزت 25 % وهي أعلى نسبة مساهمة ، ثم دورها في اختيار الأمين وتعينيه والسبب الأخير في سيطرة الولايات المتحدة على المنظمة هو كون أمريكا أكبر قوة عسكرية واقتصادية في العالم