23 ديسمبر، 2024 9:24 ص

الطفلة التي اغتصبت دموعي

الطفلة التي اغتصبت دموعي

القصص الأنسانية في هذا العالم منذ بدء الخليقة حتى هذه اللحظة قصص وحكايات كثيرة لا تُعد ولاتُحصى . في كل حكاية عبرة ودرس ربما تثير تلك اللحظات أشجان أو شجون البعض ممن تحدث أمامه أو يطلع عليها عن طريق الصدفة. تظل تلك الصور أو الحكايات عالقة في ذهن البعض حتى نهاية الحياة العامة أو الخاصة.

من تلك الحكايات التي شاهدتها بالصدفة حكاية تلك الطفلة التي حاولتْ أن تصافح أمير من أمراء أحدى الدول العربية لكنها لم تفلح على الرغم من محاولتها المضنية للوصول الى صف المستقبلين ومدّت يدها لكن شيخ أو أمير تلك الدولة لم ينتبه لها ومضى في طريقهِ دون أن تلمس يدها الصغيرة الرائعة يد ذلك الأمير. الحكاية هنا – التي هزت كياني وجعلت الدموع الحارة تنساب من عينيَّ كصنبور ماء مكسور يجري بأستمرار- ليس حكاية الامير مطلقا لكنها حكاية تلك الطفلة المكسورة القلب. من يريد ان يعرف حكاية تلك الطفلة يكتب في اليوتيوب عبارة ( الشيخ محمد بن زايد يزور طفلة بمنزلها ويقبل يدها لانه لم يتمكن من مصافحتها أثناء استقبال ولي العهد) وسيشاهد المنظر المأساوي الذي مرت به تلك الزهرة الجميلة. شاهدت الفلم القصير عشرات المرات لكنني في كل مرة أشاهدهُ تتفجر عيناي بالدموع ليس لشيء الا لأنها كانت قد ركضت بشجاعة من الصف الذي كانت تقف فيه الى الصف الآخر كي تكون في صف الأمير الذي كان يُسَلّم على الأطفال. حاولتْ أن تدخل تاريخ العلاقات الدولية عن طريق لحظة خاطفة تسجلها الكاميرات المنتشرة في كل مكان لكنها في اللحظة التي مدت يدها لتلمس يد الأمير سحب يده دون أن ينتبه لها وبذلك ظلّت يدها ممدودة في الفضاء بخذلان وشعور بالهزيمة الى الأبد وغابت تلك اللحظة التاريخية مع فشلها الطفولي وستظل تلك اللحظة – لحظة الفشل – تطارها مادامت على قيد الحياة…وربما تنسل لحظة الفشل تلك الى عقلها اللاواعي وبذلك تجعلها تحقد على دولتها واميرها الغافل الى الابد ..او ربما تتحول الى كاتبة يوما ما وتكتب عشرات الحكايات عن خذلان النفس البشرية في حقبة زمنية معينة أو ربما تتحول الى مخلوق بشري يمقت كل تاريخ العلاقات الأنسانية مهما كانت انواعها.

الغريب في ألأمر – ولا أعرف كيف حدث هذا- في ييوم آخر سارع الامير الى منزلها ليلتقِ بها ويصافحها بطريقة تجعلها تدخل التاريخ الى الابد ويكتب عنها كتاب كثيرون وتنشر صورها وسائل لاحصر لها من وسائل الاعلام.

على المستوى الشخصي سأصارح التاريخ في هذه اللحظة وسأكون صادق الكلمة بكل ماتعنية هذه العبارة من معنى.

مررتُ بأحداث خلال فترة الخمسين او الستين من عمري تقشعر لها الأبدان بَيْدَ أنني لم اذرف دمعة واحدة ولكن هنا بذرتُ او ذرفتُ دموعاً سخية لصورة طفلة لا أعرف أين تعيش ولا أعرف اسمها لكنني شعرت انني امام حدث انساني تقشعر له الابدان.مات والدي وامي وشقيقي واعز اصدقائي لكنني لم اذرف دمعة واحدة ليس لأنني لا أحبهم ولكن لأن ذلك الحدث مكتوب من قبل الخالق الجبار ولا اعتراض على ارادته.

ستبقى تلك الصورة عالقة في ذاكرتي مادام هناك نفس يرتفع ويهبط في صدري. مساكين اطفال العراق في كل زاوية من زوايا هذا البلد الممزق بالفساد والتناحرات المختلفة…لا أحد من حكوماتنا ينــــظر الى الطـــــفل العراقي بجدية ولا أحد يسلم عليهم ولا أحد يبني لهم مدارس عملاقة على الرغم من كمية الدولارات التي تتفجر من النفط ….مساكين اطفــــال العـــــراق حقا.