لا يستطيع أي تحالف من التحالفات الفائزة بإنتخابات 2018 تشكيل الحكومة إلا عبر تحالفات سياسية تمكنه من نيل ثقة البرلمان والحصول على الأغلبية البرلمانية المطلوبة لذا لان تتشكل الحكومة القادمة إلا عبر تحالفات وإئتلافات سياسية وصولاً إلى (حكومة الأغلبية) المزعومة التي تطالب بها كل الأطراف السياسية الفائزة ؛ لكن ماهي أهم المحددات والضوابط (العملية) التي ستحكم تشكيل هذه الحكومة المرتقبة؟:
١- عدم وجود (برنامج لإدارة الدولة) لكل الاطراف الفائزة وكل ما قدموه خلال الحملة الانتخابية عبارة عن وعود وطموحات وأحلام وشعارات فجميعهم يريدون القضاء على الإرهاب وجميعهم لا يمتلكون (نظرية أمنية) .جميعهم يريدون القضاء على البطالة وزيادة الاستثمار ولكنهم لا يمتلكون (نظرية إقتصادية) … وهكذا.
٢- قسم كبير من تلك الاحزاب (أحزاب عقائدية شمولية) غايتهم وهدفهم الاوحد هو (حماية الطائفة وتمكينها من اداء شعائرها بامان ويسر واعادة الحق المستلب الى نصابه والانتقام والثائر والاجتثاث والتطهير وإحياء المعارك التاريخية التي “لن تموت” …) وكل ذلك لا يبني دولة حضارية متقدمة بل يستهلك امكانيات الدولة ويضعفها.
٣- غالبيتهم لا يمتلكون (مشروعاً وطنياً) جامعاً لهم بل أن رؤيتهم مختلفة من كيان وتحالف لاخر! فمنهم من ينظر للوطنية من خلال الدين و الطائفة! ومنهم من ينظر لها من خلال القومية! ومع هذا يصرون على انهم وطنيون! رغم تناقضهم الجذري معها
٤- قسم منهم منبثق أصلاً من تكوينات مسلحة لازالت تتمسك باذرعها المسلحة السرية ! وتعلن أنها مدخرة للحاجة اليها في المستقبل للدفاع عن الوطن والمذهب والقومية•
٥- جميعهم عينهم على المحاصصة (حصتهم من المناصب) ولا شأن لهم بما سوى ذلك ويعتبرونه جزء من (الإستحقاق الانتخابي) وهذا أصلا هو (المعلن) من مباحثات تشكيل الحكومة لغاية الان . ولا شأن لهم بإدارة الدولة وهيبتها القانونية وإستقلالها السياسي ومشروعية تمثيلها الاجتماعي وبرامجها السياسية!…
٦- التأثيرات والضغوط الاجنبية (الخارجية) على القرار العراقي حاسمة ومؤثرة جداً !
7- العوامل الذاتية السياسية الخاصة بكل كيان والتي تتناقض مع بقية المكونات السياسية التي هي أصلاً عبارة عن تحالفات سياسية هي الاخرى !!
٨- مراكز القوى الموجودة والمتأصلة في طبيعة تكوين الدولة الحالية قبل الانتخابات والتي يستحيل (إقتلاعها) أو أغفالها والتي لابد من أخذها بنظر الاعتبار .
٩- تأثير (المرجعية الدينية العليا) في النجف على عموم المشهد السياسي العراقي والتي سيتعاضم تأثيرها مستقبلاً بفعل قناعاتها التي تختلف عن قناعات المؤمنين (بنظرية ولاية الفقيه) التي لا تؤمن بها مرجعية النجف في حين هناك من يريد فرضها في العراق من منطلق ديني طائفي أيضاً !
١٠- عدم وضوح الرؤيا داخل التحالفات السياسي ذاتها (قد يصل في بعض الاحيان الى التناقضات التي تحتاج الى جهد لحل إشكالياتها والتي تستدعي العمل على (المشتركات) وهذا يقلص أصلاً من دائرة المشتركات مع الكيانات المتفاوضة حالياً!) ويعرقل المفاوضات مع الكيانات السياسية الأخرى إذا أريد الحفاظ على ما يتم الإتفاق عليه داخل مكونات التحالف الواحد.
١١- عوامل أخرى غير ما ذكر أعلاه.
كل هذا سيفرض تأثيره على تشكيل الدولة القادمة والتي لن يكون أمامها في (النهاية) وبعد صراع طويل مارثوني مرهق غير العودة الى الحبيب الأولي (قانون المحاصصة) لحسم كل هذه التناقضات والمحددات لتحقيق (توازن المصالح بموجب الاستحقاقات الانتخابية) باختصار (حساب السوق او حساب عرب)! وسنعود إلى تسعير المناصب والتمسك القوي بالثوابت الطائفية والعرقية التي فرضها برايمر على العملية السياسية برمتها ومنها لمناصب والوزارات السيادية وغير السيادة (وكأنك يا أبو زيت ما غزيت!).
ولحين تحقيق ذلك سندفع (الشعب العراقي) ثمناً باهضاً حتى نتمنى وقتها أن ( يحسموها ) باي طريقة كانت!ونقايض الأمن بالحرية والوطنية المؤجلة مرة أخرى! وبموجب أي قانون كان أو أي عبث كان!
والله أعلم