طرق الأبواب عادة أتقنها الشعراء المداحون في الأزمان العربية السالفة , فكان ذوي النعمة والقوة والسلطان , هدفا لكل مداح يريد أن يملأ جيوبه بمال.
وكأن هذه العادة قد تطورت وإنعكست بالسلوك السياسي العربي , فأنظمة العرب السياسية ومنذ تأسيس دولهم وحتى اليوم , لا تعرف إلا الوقوف على أبواب الأقوياء وإستجداء القوة والسلاح منهم.
وبعضهم لا يجرؤن الإقتراب من عتبة أبواب الأقوياء , أو طرقها , وإنما يتوسلون إليهم بإغراءات مالية ومدائح كرسوية وإذعانات صارخة وتبعية مقرفة ودعوات لتحقيق المصالح والخطط والبرامج.
والعرب يطرقون أبواب الأقوياء وينثرون على عتباتها أموال النفط تبرعات ومحفزات لكي يبيعهم القوي ما لا يريده من سلاح وبأبهض الأثمان , لأنهم ربطوا مصيرهم بما يشترونه من آلات الدمار الذاتي والموضوعي.
فالعرب لا يعرفون صناعة السلاح , وما دخلوا ميادينها , وإن حاولو فأنهم إنقطعوا وما بلغو شأوا وقدرة على الإكتفاء الذاتي , ولسان حالهم يقول أريد سلاحا وما قالوا أبدا نصنع سلاحا.
فالذي لا يصنع سلاحه , يخضع ويتبع وتنتقص سيادته , فما دام العرب يعجزون عن تسليح أنفسهم بأنفسهم , فأن سيادتهم منقوصة أو مفقودة , وبسبب ذلك يجري في ديارهم ما يجري ويتأكد من الإضطرابات والنكبات والتفاعلات السلبية الفاسدة الدامية المشينة المؤدية إلى خسران كبير والمعززة بالضلال والبهتان المطلوب.
وما بقي العرب يحجون إلى أبواب الأقوياء ويتذللون أمامها ويحلمون بطرقها , فأن مصير وجودهم الحضاري في خطر ومأزق مروع.
فهل سيدرك العرب آليات التعامل الحضاري المعاصر , وهل سيتوصلون إلى فهم حقيقة التفاعل مع الأقوياء , وصناعة قوتهم وقدرتهم الحضارية اللازمة لبقائهم؟!
والقوة في الوحدة والضعف في الفرقة , وعلى العرب يقع الخيار ما بين التراب والذهب!!