تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا مقاطع مصورة عن إحتفالية كبيرة لافتتاح محلا لبيع الطرشي في بغداد، فكما هو معروف فإن الطرشي منتج يصنع وطنياً و أن المواد الأولية الداخلة في انتاجه تعتمد على الموارد المحلية دون اي مواد مستوردة من الخارج ، ولا تشير التوقعات الى زيادة الطلب على المخللات مستقبلا سواء داخل البلاد أو خارجها بنفس الكميات المتوقعة للهيدروجين الأخضر حيث تشير هذه التوقعات إلى أن الطلب العالمي عليه سوف يصل إلى مايقارب ٣٠ مليون طن سنويا ًبحلول ٢٠٣٠م وسيزداد هذا الرقم ليبلغ ٦١٠ مليون طن سنوياً في عام ٢٠٥٠ م ، كما إن حاجة العراق الملحة لانتاج المزيد من الطاقة الكهربائية لتجاوز المعاناة التي أرهقت حالة المواطن طويلا بسبب سوء خدمة تجهيز التيار الكهربائي لا تشابه حاجته إلى الطرشي بأنواعه ولا توجد أية نية لتصديره إلى الخارج إلا بنحو محدود جداً ، على عكس ذلك فإن الاسواق العالمية متعطشة على الدوام لشراء الطاقة ومدخلات انتاجها،ان شروط صناعة الهيدروجين الأخضر متوفرة محليا وعلى نطاق واسع كما هي متوافرة في صناعة الطرشي فالطاقة الشمسية ( متوفرة في العراق لما يقارب ٣٠٠ يوم في السنة وبمستوى سطوع عالي )وبعد تحويلها الى طاقة كهربائية يمكن استخدامها في تحليل الماء للحصول على الهيدروجين من مصادر نظيفة لاستثماره في استخدامات متعددة كالصناعة والنقل وتوليد الكهرباء بعيداً عن التلوث الكربوني ، أما كان الأجدر أن يكون الاحتفال بافتتاح مصنع لانتاج الهيدروجين الأخضر بدلاً من افتتاح محلاً لبيع الطرشي و بنفس مستوى الإبتهاج الحاصل؟ أم هناك توجهات عميقة لا يفهمها إلا اصحابها ؟ … أرى أن ارتجاجاً قد حدث في سلم الاولويات المطلوبة باتجاه البناء السليم للمجتمع وتطوره وبفعل خبيث سخرت له ممارسات تافهة لحرمانه من تحقيق الإنجاز الوطني الفاعل .