قد نعذر ذلك المسؤول العراقي وهو يقف مع مجموعة من موظفيه متفاخرا ومرحبا بضيوف العراق من طبيبات وأطباء الهند. وما نظن وقفة المسؤول هذه الاّ من باب أن العراقي كريم ومضياف، وهي الأصول أن يرحب السماوي بطبيب جاء من أرض بعيدة لتطبيب الناس في العراق.
ولكنها غصّة عندي وأنا الطبيب العراقي، أبن دجلة والفرات وقد عزّ عليّ أن المسؤول يرحب بزميلي من الهند ويفتح له الدواوين وردهات المستشفيات ولا يرحب بي!.
ولابد هنا من المصارحة، فلا أحلى منها ولا أجمل في مثل هذه الظروف الصعبة ومجهولة المستقبل التي يمرّ بها الوطن-العراق. فآلاف من أطباء العراق هم في الخارج، وهناك منهم في المملكة المتحدة وحدها ما يقرب من 6 آلاف طبيبة وطبيب عراقي، وأمثال ذلك وأكثر في كل من دول الخليج العربي والأردن وأميركا الشمالية وكندا ونيوزيلندا وأستراليا والسويد والنرويج، وما الى ذلك من بقاع العالم. ثم أن العراق يخرّج الآلاف أيضا كلّ عام من الأطباء، وهذا ما هو حاصل بعد أن تأسست في العراق 20 كلية طب وتنوّعت مستوياتها مما يمكن أن نجادل في صحته. فأين كل ذلك مما يجري في واقع الصحة؟ وما التفسير للتدهور الصحي في العراق؟ وما التفسير لبنايات مستشفيات فارغة تبنى ولا تجد طبيبا يخدم فيها؟..نعم ما التفسير؟.
ومن الأسئلة التي تتوارد في البال حول هذا الموضوع :
1.لماذا لا تكشف نتائج التحقيقات في استهداف أطباء العراق؟ ومن الذي له مصلحة في أبعاد الطبيب العراقي عن وطنه ليؤتى بأطباء أجانب يطببّون أهلنا؟، مما لم يحصل على أرض الرافدين وبهذه الصورة قبلا الاّ عندما كانت في عصورها المظلمة.
2.ولماذا لا يُشجّع الطبيب العراقي لمدّ الجسور مع الوطن بشكل علمي مدروس، حيث تتم الأستفادة من علومه وأختصاصاته وخبراته، وبشكل يطّور النظام الصحي والتعليم الطبي ويؤتي أكله للشعب وهو يعاني الأمرين في ظرف صعب بكل المقاييس.
ثم هل أن الحكومة الهندية وافقت على تصدير طبيباتها وأطبائها للعراق دون ضمانة الحماية لهم ولعوائلهم؟، فأذا كانت الدولة العراقية على ارض السماوة مثلا تتعهد بحماية الطبيب الهندي، فلماذا لا تتعهد بحماية الطبيب الأستشاري العراقي وتحسب معه كل التفاصيل تسهيلا لعودة ميمونة ولو لفترة محددّة؟؟.
ولا أريد أن أسهب في موضوع أجد أن ما خفي فيه أعظم مما يعرف.!