صورة صادمة وسط بغداد وفي أحد أهم الأحياء الراقية فيها وبشارع ذي شهرة كبيرة جدا وضعت صورة متوسطة الحجم لأربعة شهداء بعمر الورود بذلوا أرواحهم لأجل وطنهم في الحرب ضد العصابات التكفيرية المجرمة، الغريب في المشهد أن الصورة تتسورها إعلانات لأربع مرشحات لانتخابات مجلس محافظة بغداد وهي صور أشبه بإعلانات الحفلات الراقصة للفنانات الشهيرات بدليل وضوح عمليات التجميل الباذخة وكميات الذهب والمجوهرات اللاتي يرتدينها في سباق محموم للإثارة وليس الفوز في السباق الانتخابي، تأسفت جدا على هؤلاء الفتية الأبطال الذين نالوا شرف الشهادة ولكن السؤال الذي تبادر عندي ترى هل استشهدوا من أجل الوطن الحر الكريم ؟ وهل من المنصف أن يتمتع بخيرات البلد مثل هذه النماذج المترفة التي تجد في بيوتها فصيلا من الشغالين الأجانب لخدمتها؟.
انتخابات لم تكن في أساسها ضرورية ومفصل زائد للروتين وإعاقة العمل والتناصف الحزبي بشهادة جميع الأحزاب التي تشارك بقوة من أجل الظفر بالكعكة، فقد سبق أن فشلت تجربة مجالس المحافظات في وقت سابق بسبب عدم الجدية بالعمل وابتعدوا كثيرا عن عملهم الحقيقي وهو مراقبة ومتابعة دوائر المحافظات وراحوا يلهثور خلف الاستثمارات والمشاريع وإعاقتها او تسهيلها بعمولات، فماذا سنجني من انتخابات اليوم غير تخصيص الحمايات والرواتب والعجلات وجيب ليل واخذ عتابه ؟
حالة متشابهة جدا ونحن نرى يوميا عشرات المترفين يجوبون شوارع بغداد وربما المحافظات بأبواقهم وجموع الراقصين التي تهلل لهم في المنصب المنتظر لمجالس المحافظات، حيث الخدم والحمايات والحشم والجاه والسلطان والمنافع، ومع أن ما يصرف على الدعاية البدائية يفوق الخيال الى الحد الذي يشتري أحدهم إنتاج المطابع لشهر كامل إلا أن هؤلاء غاب عنهم وعن من ينصحهم أن العدد المتقدم من الأحزاب او الآخرين ممن يدعون أنهم مستقلون يفوق الخمسة آلاف مرشح وجميع من تكلمه منهم يثق بفوزه المحتوم.
مصيبة حقيقية فهؤلاء لا يتعظون ولا تخدمهم تجارب غيرهم في مجلس النواب لأن العدد لمجلس المحافظة قليل جدا بالقياس لهم إذا علمنا أن عدد أعضاء مجلس المحافظة في بغداد 58 عضوا، وأجزم أن هؤلاء المقربين من مركز القيادة في الأحزاب الكبيرة هم من سيفوزون في الانتخابات وأن أغلب المنافسين لن تتعدى حظوظهم بانتخابهم من أهليهم وعوائلهم فقط والنتيجة هي أموال متدفقة ضائعة لمجلس ليس له ضرورة بشهادة من يترشح او من رشحه، ويقينا أن هذه التخبطات العبثية ستستمر وبالطريقة البدائية ذاتها التي لا يملك فيها المرشح برنامجا ومنهجا وربما لا يعي حتى صلاحيات المحافظة ومجلسها فتفكيره اليوم منصب بالعرس الانتخابي وإرضاء العشيرة وشعرائها وليحصل ما يحصل بعد ذلك فهو لا يعنيه في شيء