هناك اربعة تطورات،لافتة في الشأن السوري؛أولا؛ الخلاف الروسي والسوري، المبطن والمسكوت عنه، من الناحية الرسمية. وثانيا الاعلان الاسرائيلي،بتحول سياسة اسرائيل ضد الوجود الايراني في سوريا، من الاحتواء الى العمل على اخراج الوجود الايراني من سوريا. ثالثا؛ تشكيل حكومة طواريء في اسرائيل. رابعا؛ تصريح جيمس جيفري في مقابلة خص بها، الشرق الاوسط، تأكيده في هذه المقابلة، من ان الولايات المتحدة، مستمرة في دعم، اسرائيل سياسيا، ولوجستيا، وتؤيدها في اخراج جميع القوات باستثناء الروسية، واكد على الاسراع في كتابة الدستور..على ما يبدوا من مضمون تصريح جيمس جيفري، في الذي يخص الشأن السوري، وعلاقة الاخيرة مع حليفها الروسي؛ ان الامريكيين على علم بالخلاف الروسي السوري، وهم وكما فهمنا من ايضاح جيفري، يؤيدون الضغط الروسي على النظام السوري، بأبداء مرونة في الحوار الجاري بين المعارضة والنظام السوري، في الذي يخض بنود الدستور، والحل السياسي. في هذه النقطة وهي نقطة مهمة ومهمة جدا، نحتاج الى التوقف كثيرا، امامها. واول هذا التوقف، هو؛ ماهو شكل هذا الخلاف في بنود الدستور، هل يتعلق في شكل ادارة الدولة، ونوعية نظامها، وهل تريد المعارضة نظام برلماني، او نظام رئاسي، او نظام شبه رئاسي، وهل تريد المعارضة تحويلها الى دولة اتحادية، لضمان تمثيل الاقليات، وما شكل الاتحادية، فدرالية، او كون فدرالية، او في طريقة الانتخابات. وهل ان النظام السوري، يعارض تغير شكل ادارة الدولة، ويعارض ايضا اقلمتها. وهنا، ما هو موقف روسيا الحليفة للنظام، ومن ثم ما نوع الخلاف الروسي السوري، وهل ينحصر في النقاط انفة الذكر..أم هناك نقاط خلافية اخرى.. الامر الاكيد ان النظام السوري، يعارض اي تغير في شكل ادارة الدولة، وفي اقلمتها. جيمس جيفري في المقابلة المشار اليها؛ اكد، ان روسيا تضغط على النظام، ونحن نؤيدها اي روسيا، لكتابة دستور يرضي الشعب السوري، وهنا ان جيفري، يقصد المعارضة، ومن اهمها، الاكراد اي اقلمة سوريا. ان الوضع في سوريا، ينبيء بمتغيرات دراماتكية، ربما يتغير فيها المشهد السياسي والعسكري، كما هو عليه الوضع في بقية دول المنطقة العربية، المضطربة، والتي تسود فيها، الفوضى والتشتت، وغياب القرار الوطني الواحد، الذي يفترض به، ان يكون قرارا وطنيا،أو، بدقة يجب ان يكون، قرارا وطنيا. أن غياب القرار الوطني،مرده، لأرتباط القرارات وليس القرار الواحد، بالراعي الخارجي، الدولي والاقليمي.تشكيل حكومة طواريء في اسرائيل، لم يكن من فراغ، او من غير اسباب، اسباب، لها علاقة في الوضع في سوريا، وتغيراته القادمة، وعلى وجه التحديد، التواجد الايراني في سوريا، وفي جنوب لبنان. روسيا، لم تعلن الى الآن اي موقف واضح ولا لبس فيه، حول الاعلان الاسرائيلي؛ بتحولها من احتواء التواجد الايراني، الى اخراجه من سوريا. من غير الممكن اخراج القوات الايرانية من سوريا، او التواجد الايراني فيها، بالضربات الصاروخية بالطائرات او بغيرها، فقد مارستها او قامت بها، اسرائيل على مدار سنوات، لم تحقق او تصل الى هدفها، في اخراج الايرانيين من سوريا. عليه، فهذا يعني وفي اهم واخطر ما يعني؛ هو القيام بعمل عسكري على الارض السورية، في المنطقة المحاددة لهضبة الجولان، وفي الشريط الحدودي بين العراق وسوريا، وربما في جنوب لبنان، وهذا الاخير احتمال ضعيف جدا، حيث يتواجد الايرانيون، وفي محيط دمشق العاصمة. ما يؤكد هذه النية، قول جيفري، من ان إمريكا، تدعم اسرائيل سياسيا ولوجستيا اي عملياتيا، وتسويقيا. مما يثير الاستغراب، هو الصمت الروسي على هذه التطورات، وحتى وان لم تحدث فعليا وواقعيا على الارض، لكن النية، باتت واضحة. وروسيا، ومن الواجب التحالفي ومقتضياته وشروطه؛ ان تعلن موقفها بوضوح من هذه النوايا، المحملة بخطط التنفيذ ولو بعد حين..اسرائيل تستغل ظروف المنطقة، لتنفيذ اطماعها في المنطقة العربية، في سوريا، والاردن، والضفة الغربية. ان اسرائيل، في نيتها، الاقدام على عمل عسكري في سوريا، الى الآن ليس من الواضح، ماهو شكل هذا العمل العسكري، لكنه، يختلف في الطريقة والسعة والشدة والتكثيف في الضربات في الزمن والعدد في كل جولة ضربات، وفي نوع التحرك العسكري، عن ما كانت تقوم به، في السنوات السابقة حتى الآن. لكن وبكل تأكيد، تتوافر النية والتخطيط له، في سوريا. الهدف منه؛ وكما سبق ايضاحه في هذه السطور المتواضعة؛ هو تغير المشهد السياسي والعسكري في سوريا برمته. اسرائيل، لايمكن لها، ان تقوم بما سوف تقوم به، في القادم من الزمن، من دون ضوء اخضر روسي، سُلم لها في الغرف الكائنة وراء قاعات الحوار المعلنة.. لتضييق مساحة الخيارات امام النظام السوري، لأجباره على القبول بالحل السياسي للوضع في سوريا، والمخطط له، من اطراف اللعبة…لصياغة سوريا جديدة، تتوافق مع اهداف اطراف اللعبة، ومن بينها او من ضمنها، اسرائيل الموجودة في المنطقة المعتمة من اللعبة..لكن سوريا وهنا نقصد الشعب السوري، سوف يقاوم هذه اللعبة، وسوف يفشلها.. مع عدم خسارة الحليف في هذا الظرف الحرج ولو الى حين، يسمح بكشف الحساب،بعد انجلاء الغمة، بأعادة النقاش في شروط وجود الحليف الروسي على الارض السورية، وألتزامته. في الوقت الحاضر،من وجهة نظر النظام السوري وكما نرى ونقرأ؛ المحافظة على العلاقة مع الحليف، حتى وان وقف الحليف الروسي، متفرجا على التلة، اي عدم الاقدام على قطع جسور التواصل والتنسيق مع الحليف، في لعبة تحتاج الى البرغماتية المحسوبة خطواتها بدقة من جهة ومن الجهة الثانية، التحمل الموجع للنزف الدائم، للدماء من جروح جسد السيادة، الذي فُرض على النظام السوري، لأنعدام الخيارات في عام 2015 إلا هذا الخيار، الذي كان في وقته، الخيار الوحيد المتاح امام النظام، الذي اجبره الواقع الضاغط عليه، في الاختيار بين خيارين، احلاهما مر، مرارة العلقم، أما أنهيار سوريا الدولة وليس النظام فقط كما حدث في العراق وليبيا، مع ان الاول وفي طريقة الانهيار، يختلف كليا عن الثانية، وأما السعي الى تجديد العمل في اتفاقية عام 1985وتوسعها، توسعا كبيرا وكبيرا جدا، ووجودا مشروطا، وهذا هو ماكان وحدث..( في خطاب للرئيس السوري، بشار الاسد، في القمة العربية التى عقدت، قبل وقت وجيز من الغزو الامريكي للعراق، قال بالمعنى وليس بالنص الحرفي؛ ان تواجد قواعد عسكرية لدولة عظمى في اي بلد من البلدان العربية، هو، انتقاص للسيادة، وتقزيم للارادة الوطنية؟!..) في ذات السياق، استمر النظام السوري بالمحافظة على العلاقة التحالفية مع الحليف الروسي، وايضا الاخير واصل المحافظة عليها من جهته، على الرغم من ان الحليف، لم يقم بما يجب عليه، القيام به.. على مدى سنوات، كانت الطائرات الاسرائيلية، تقصف المواقع السورية في كل مكان، والجيش السوري هو من يتصدى لها..من دون تدخل الحليف في المساندة، والدعم، وفي التسليح المتطور، والفعال، والحاسم في حماية الاجواء السورية، والمواقع العسكرية السورية، إلا في محاربة عصابات الارهاب.. وحماية النظام السوري من السقوط، وسوريا من التشظي..لحسابات ستراتيجية، ذات صلة بالتواجد العسكري الروسي الدائم في المنطقة العربية. السياسة تحتاج الى من يلعب بها بحنكة وتخطيط ودراية. وهذا ما نعتقد ان النظام السوري، مارسه في السنوات السالفة من الصراع الدامي والمدمر للارض والانسان في سوريا. لكن الرياح ربما، وفي القادم من الوقت، تجري بما لايريد النظام السوري وبالضد من إرادته، والأهم وجوده. ان المنطقة وليس سوريا فقط؛ مقبلة على تغييرات كبيرة، وربما من بينها الحروب الداخلية. لكن سوريا هي رأس الحربة في هذه التغييرات المفترضة في المشهد السياسي والعسكري…بدخول الفاعل العسكري الاسرائيلي في تغيير قواعد الاشتباك. من الخطأ؛ التصور او التأكيد، ان تقاطع مصالح القوى العظمى، يلغي اتفاقات تقاسم المصالح بين القوى العظمى، اتفاقات تحت الطاولة، عندما يصل الصراع الى منطقة يلتقي فيها الطريقين، الذي ينفتح الى طريق واحد، تتلاقى فيه، مصالحهما التى تستدعي منهما،التفاهم ومن ثم الاتفاق على وضع خارطة طريق؛ يضمن السير في الطريق الذي يشتركان السير فيه، بلا احتكاك او تصادم، لتحقيق مصالحهما، على ارض دولة صارت منطقة نفوذ، لأحداهما مع تحقيق اهداف الاخرى..في الفترة الاخيرة وبعد ان حققت سوريا، انتصارات كبيرة، في أستعادة سيطرتها على اكثر من 85%من الارض السورية، بدأ في الظهور الى العلن، مداخل حاسمة في المألات السورية القادمة؛ أولا؛ قانون قيصر الامريكي لمحاصرة اركان النظام، اقتصاديا وماليا، للضغط عليهم، للأنسلاخ من النظام. ثانيا؛ ارتفاع اصوات المحسوبون على النظام، من رجال المال والاعمال، بتهديد النظام، ولو انه مضمر، لكنه يعني كثيرا، في تشقق جدران النظام.ثالثا؛ هناك اصوات اخرى، رفيعة المستوى، ذات صلة وقوية بالكرملين؛ تؤشر وبصورة مبطنة، من ان التمسك بالاسد لم يعد اولوية روسية. رابعا؛ تذمر العسكر من ذوي الرتب الرفيعة، من الوضع القائم، وربما يشهد الجيش العربي السوري، انشقاق على النظام، وكما تقول الصحافة الروسية ذاتها، من خلال مقالات لكتاب روس، تنشرها قناة روسيا اليوم، وهؤلاء ربما يقولون ما يقولون، لقربهم من صانعي السياسة الروسية في سوريا، ومن رجال الاستخبارت الروس في سوريا، بما عندهم من معلومات، ومن الغرف الخفية، لصناعة الموقف الروسي في الوضع والحل السياسي في سوريا، مستقبلا، اي المستقبل القريب..على ضوء ما تقدم؛ نطرح السؤال التالي: هل هناك طبخة خفية، تشترك فيها، اطراف اللعبة، الدولية والاقليمية، روسيا وإمريكا واسرائيل وأخرون…؟ في المنطقة، تعد لسوريا (مع ضمان او استدامة الوجود الروسي في سوريا)، النظام والدولة والشعب. من الصعب او من السابق لأوانه، التنبؤ بالمرسى الذي سوف ترسو على شطآنه، السفينة السورية التى تمخر ولم تزل تمخر في بحر، أمواجه نار ودخان وألم وضياع وتيه، لايظهر فيه ولو عن قرب، فنار المرسى. من الجانب الثاني؛ ان هذه الطبخة موجودة على ضوء ما سبق الشرح فيه..في سوريا اولا وفي بقية دول المنطقة العربية، المضطربة، والتى ليس لديها او عند القائمين على شؤونها؛ بوصلة لطريق واضح ومخطط له حتى الآن.. العراق، ولبنان، واليمن، وليبيا،وبالذات الدولتين الاولتين..