في خطوة بناءة ومتميزة، اقام المعهد العراقي بالتعاون مع منظمة المرأة والمستقبل وضمن مشروع التدريب البرلماني للشابات القياديات في العراق الذي ترعاه ( UNWEMAN )، الطاولة المستديرة الاولى في فندق الرشيد وسط بغداد بحضور عدد من البرلمانيات والمسؤولين والاكاديميين. في بداية هذه الفعالية أوجزت المحامية شذى الرشدي مديرة برنامج التدريب البرلماني للشابات القياديات في المعهد العراقي الغاية من إقامة هذا النشاط قائلة: ( تهدف هذه الطاولة المستديرة الى تبادل وجهات النظر بين الباحثات والمسؤولين لأجل تطوير مسار البحث وتقديم الدعم اللازم لهن، فضلا عن تقديمها خلاصة عن بحوث الشابات المتدربات التي تقوم بأعداده كل منهن تحت اشراف إحدى البرلمانيات، مضيفة أن هذا المشروع يهدف الى اعداد الجيل الجديد وتمكينه من المشاركة في العملية السياسية والاقتصادية والاجتماعية في اطار تطوير البلد والمجتمع العراقي ). كذلك اشارت الرشدي الى ان ( البرنامج يقوم على عمل 12 متدربة تم اختيارهن من كافة انحاء العراق للعمل تحت اشراف 12 برلمانية من اعضاء مجلس النواب العراقي الحالي؛ لتدريبهن على المهارات القيادية وكتابة بحوث تتعلق بواقع المرآه في العراق، وأن عمل المتدربات البحثي يكون تحت اشراف الخبير استشاري د. سعد زاير ).
وعن وضع المرأة العراقية بشكل عام تحدثت البرلمانية الدكتورة ندى الجبوري قائلة ( تشير تقارير الامم المتحدة لعام 2012 حول التمييز بين النساء الذي يشكل ثقلا كبيرا كونه يمنع مشاركة النساء في العملية السياسية والاقتصادية. وفي منطقتنا ورغم ازدياد التعليم وتأخير سن الزواج ضمن القوانين، والذي من المفروض أن يساهم في تمكين المرأة اقتصاديا، لكنه لم يفعل، ففي العراق لا توجد مؤشرات لتعليم النساء وتمكين المرأة اقتصاديا، إضافة إلى أن نسبة النساء اللواتي يدرن اعمال حرة هي 1% في المنطقة، بينما ترتفع الى 18% في العالم، حيث تشهد منطقتنا امرأة من ضمن 8 نساء تدير عملا، بينما في العالم واحدة ضمن 3 نساء).
وأشار د. معتز العباسي مستشار وزير الدولة لشؤون مجلس النواب إلى أن العراق يواجه اليوم تحديات خطيرة، ولابد من دعم الاقتصاد للمساهمة في مهمة تقدم البلد، مؤكدا أنه من خلال دعم الشابات القياديات نسعى لخلق نخبة نسائية تشكل القيادات المستقبلية للنساء، مستدركا انه ليس بالضرورة أن تكون قيادات سياسية وانما اجتماعية واقتصادية، منوها أن لدينا نساء في السياسة، لكننا كنا نتمنى ان نبني قيادات مجتمعية لها دور في السلم المجتمعي، مشيرا الى انه على الرغم من وجود عضوات في مجلس نواب، فإن هناك نوع من الفجوة ما بين النساء السياسيات وعموم النساء في المجتمع.
أما الدكتور هاتف المحسن رئيس دائرة البحوث والدراسات في مجلس النواب، فقد عبر عن سعادته بالمشاركة في هذا الاجتماع، موضحا دور الدائرة في تقديم المعونة للشابات الباحثات من خلال تقديم التسهيلات لدعم مجهودهن في اعداد بحوثهن، مشيرا في الوقت ذاته ( الى اهمية هذه البحوث في تطوير وعي المرأة واثبات وجودها في المرحلة القادمة في بناء العراق ).
وقدمت السيدة ندى الموصلي عن منظمة المرأة والمستقبل فكرة عن مساهمة المنظمة في المشروع قائلة ( نهدف الى دعم القيادات الشابة ومساعدتهن على المساهمة في عملية التغيير في المجتمع، إضافة الى فتح المجال للشابات المتدربات لاكتساب الخبرات والانخراط في مؤسسات الدولة وفي عملية صنع القرار ).
وتحدثت المتدربة مريم محمد سعيد – ماجستير هندسة مدنية / جامعة بغداد عن المشروع بالقول ( هو برنامج جديد يواكب المجتمع في الوقت الحاضر ويساعد على تقريب مفاهيم الشباب، بحيث يمكن مساعدة الشباب على فهم العملية السياسية، واعتبر نفسي محظوظة في المشاركة بهذا البرنامج. وقد اعتمدت جانب التمكين الاقتصادي للمرأة العراقية الذي يعتبر مهم جدا، كونه يؤثر ليس فقط على المجتمع وانما على الدخل القومي للبلد، حيث ان البلدان التي تشارك فيها المرأة بالعملية الاقتصادية تشهد تقدما اقتصاديا. وان من اسباب التراجع الاقتصادي للمرأة في بلدنا هو ضعف تعليم المرأة والتقاليد العشائرية وتوقف التعليم، فضلا عن افتقار الخريجات والموظفات الى التدريب لمواكبة التطور ).
بينما تحدث المتدربة سالي ثامر- بكلوريوس قانون عن بحثها الذي يتضمن دراسة في قانون محو الامية لدى النساء بالقول ( تناولت في مشروعي قانون محو الامية رقم 23 لعام 2011 م الذي يهتم بالمرأة العراقية غير المتعلمة، مفترضة ان الفقر هو السبب الحقيقي لعدم تعلمها بالمقارنة مع الدول الاخرى، اضافة الى البحث في الآليات التي يمكن من خلالها تفعيل سبل القضاء على الأمية بين النساء ).
وفي شأن متصل أشاد الدكتور عيسى العداي مدير الجهاز التنفيذي لمحو الامية في وزارة التربية بالمشروع قائلا ( نشاهد في هذه التجربة التي يتبناها المعهد العراقي صورة مشرقة للمرأة، ونحن بحاجة الى دور المرأة، ونؤمن من هنا بان المرأة صنعت مستقبلا وستصنع المستقبل للبلد )، مؤكدا ان العراق يعتبر من افضل الدول في مشروع محو الامية حاليا، حيث ان منظمة اليونسكو فوجئت بتجربتنا المنفذة على ارض الواقع التي تعد من انجع التجارب في المنطقة بشهادة اليونسكو، كون العراق موضوع في لائحة الدول التي لا يمكن ان تحرر 503 الف عراقي وعراقية من الامية. واشار العداي الى ان نسبة الامية بين صفوف النساء تصل الى ( 60% ) في العراق. وعن نتائج تجربة محو الامية في العراق ذكر العداي ان الدعم المالي من المعوقات التي تواجه هذا النشاط، اضافة الى قلة التفاعل الاعلامي على الرغم من كثرة القنوات والمنافذ التي لا تتناول مثل هذه المشاريع الحضارية. وختم العداي حديثه بالقول (نبدأ بالإنسان كونه نقطة البداية في بناء البلد، وهذه هي البداية في مشاريع بناءة لتدريب الشابات على اخذ دورهن في صناعة القرار والتغيير ).
وتحدثت السيدة باسمة فيلي المختصة بمشروع التمكين السلمي لمناهضة العنف ضد المرأة في المعهد العراقي عن دور المعهد في مناهضة العنف قائلة ( في خمس محافظات عراقية تبنى المعهد العراقي مشروع مناهضة العنف بالتركيز على خمسة انواع من العنف، منها اليتيمات، النازحات داخليا بسبب التهجير، زوجات نساء مقاتلين خارجين عن القانون، زنا المحارم ).
وقدم النائب سامي العسكري نبذة عن اسباب تراجع دور المرأة في العراق قائلا (تعرض المجتمع الى كوارث حروب وحصار وارهاب قادت الى تراجع الثقافة العامة بحيث كانت المرأة ضحية، فقد كانت نتائج ظروف البلد انخفاض دخل الريف وزحف الريف على المدينة والامية، ما ادى الى زحفت التقاليد العشائرية وثقافة القبيلة الى المدينة، وتعمقت بسبب الظروف التي جلبت معها ثقافة العنف ضد المرأة والتمييز، اضافة الى عدم امكانية معالجة مشاكل المرأة بمعزل عن معالجة مشاكل الرجل، لطغيان الذكورية على مجتمعنا، والرجل نفسه يعاني من مشاكل الجهل والامية والمشاكل الاقتصادية ).
وتناولت المتدربة هدى سعد / علوم اسلامية – جامعة بغداد في بحثها موضوع الثقافة السياسية عند المرأة العراقية (الفرص والتحديات)، مبينة واقع المجتمع الذي يظهر عدم وجود ثقافة سياسية لدى المرأة رغم ما يمر به البلد من تحديات سياسية، فضلا عن اسباب ابتعاد المرأة عن السياسة، وقلة الفرص المتاحة لها، اضافة الى ما يجب ان تقوم به المرأة لتطوير نفسها. في حين ركزت المتدربة سارة مجيد / هندسة ميكانيك – جامعة واسط في بحثها على التدابير المتخذة لحماية المرأة في ظروف الحرب وعمليات الصراع والنزاع في المجتمع اثناء الحروب، اضافة الى تمكين المرأة لحل الصراعات، حيث تناولت قرار مجلس الامن المختص بحماية المرأة في النزاعات.
من جانبها قالت البرلمانية د. ايمان عبد الرزاق الوائلي، احدى البرلمانيات المشاركات في البرنامج: (ان القيادات الشابة تمثل مشروع مستقبلي مهم، حيث يمكن اعدادهن في مجالات اجتماعية واقتصادية مستقبلية مهمة كما لاحظنا في انتخابات مجالس المحافظات ان اختيار النساء اصبح عشوائيا ومن دون تخطيط أو تهيئة مسبقة. إذ يتم في فترة ما قبل الانتخابات كحشو للقائمة وعدم وجود نساء مؤهلات، لذا اتخذنا هذا القرار الاممي وحاجة المجتمع العراقي لهذا القرار، فضلا عن ان سبب عدم انتخاب المرأة للمرأة هو ادراكها لتحجيم دور المرأة في مجلس النواب الذي يمارسه الرجال ). بينما ركزت البرلمانية عالية نصيف على قدرة المرأة على الوصول الى ما تهدف اليه من دون الاهتمام باي عوائق، مؤكدة على ان تفكير المرأة لا يقل عن تفكير الرجل ويمكن ان تخترق التحجيم، وهي قادرة على فض المنازعات ؛ لقدرتها على تحمل ومواجهة المنازعات وحلها بطرق سلمية، مشيدة بجهود المعهد العراقي والمشروع بالقول ( هؤلاء الشابات يكملن طريقنا لأننا بحاجة الى نساء واعيات، ومن خلال هذا العمل يمكن اعدادهن لأخذ ادوراهن في البلد ).
واثنى الدكتور يحيى السفاح الناطق الرسمي للهيئة العليا لمحو الامية سابقا على جهود القائمين على هذه الندوة بالقول ( هم من اهل المسؤولية عندما يتبنون اعداد بناتنا لمثل هذا الدور الكبير في بناء المجتمع ).
وعبرت السيدة فرانسيس كاي ممثلة هيئة الامم المتحدة للمساواة بين الجنسين عن سعادتها بمثل هذه التجربة التي يشهدها بلد يمر بظروف صعبة مثل العراق، مضيفة ( ان الانطباع عن هذا المشروع كان ايجابيا منذ البداية، الفكرة ممتازة، وفي الحقيقة كنت قلقة من نجاح المشروع، لكن ما لمسته اليوم أثبت لي انها كانت خطوة صحيحة، حيث عكس اجتماع اليوم نجاحا واضحا وكان مثمرا تمكن فيه الجميع من تبادل وجهات النظر للوصول الى تحقيق افضل النتائج لخدمة المرأة العراقية ).