ٳن خبث الأنسان وهمجيته رغم تقدّم تكنولوجيته لأنهه سخرها للدمار ، تمخضت عن فكرة الأستفادة من اليورانيوم الثقيل (U238) ، وهو الناتج العرضي من عملية التخصيب ، والذي يسمى (اليورانيوم المُنَضّب Depleted Uranium) ، والذي لا يستخدم في المفاعلات النووية ، تمخضت هذه العقلية عن صنع قذائف المدفعية المضادة للدروع لكونه فلزا ثقيلا للغاية ، فيكسب القذيفة زخما شديدا عند الأطلاق بحيث تخترق الدروع ، ولكن المشاكل لا تقف عند هذا الحد ، اذ يسبب تلوثا اشعاعيا يبقى لفترة طويلة ، فيصيب المدنيين وخصوصا الأطفال بمرض السرطان ، وقد استخدمت هذه القذائف بكثرة في العدوان على العراق في حربَي عام 1991 و 2003 ، خصوصا في البصرة ، مما ادّى الى انتشار هذا المرض الخبيث ، وهو أمر نفاه السيد (جلال الطلباني) ، موبّخا الصحفية وهي تشكو اليه هذه الظاهرة ايام مجلس الحكم قائلا (انها أشاعات ) !! ، أكبر رأس في الدولة العراقية ، ينفي جريمة أوضح من الشمس بحق شعبه ! .
ولنترك منزلق السياسة وصداعها ولنعد الى موضوعنا ، فلغرض استخلاص الطاقة من ذرة اليورانيوم (U235) ، علينا قصفها بنيوترون سريع ، وهو جسيم متعادل الشحنة موجود في نوى كل العناصر ٳلا الهيدروجين ، لكن تتم الأستفادة من كتلته ميكانيكيا لتفتيت ذرة اليورانيوم ، حزمة النيوترونات هذه تسمى أشعة (الفا) ، مصدر اشعة ألفا هو عنصر اشعاعي أخر ، ويتم تعجيل النيوترون باستخدام فولتية عالية للغاية في أجهزة تسمى (المُعجلات Accelerators) .
عندما يجد نيوترون ما طريقه الى ذرة اليورانيوم ، فسوف يفلقها مكونا ذرتين من عنصرين يختلفان عن العنصر الأم ، وكناتج لهذا الأنفلاق ، ينتج عرضيا 3 نيوترونات مع طاقة حرارية ، تقصف بدورها 3 ذرات يورانيوم مجاورة ، لينتج 9 نيوترونات ومزيدا من الحرارة ، وهكذا تتصاعد العملية دراماتيكيا وبسرعة خارقة تقدر بأجزاء قليلة من الثانية ، وتسمى هذه الظاهرة (التفاعل المتسلسل Chain Reaction) هكذا تنفجر القنبلة الذرية ، فينتج عنها ضوءاً يفوق مئات المرات سطوع الشمس ، وحرارة تقدر بمليون درجة مئوية ، تسبب التمدد المفاجئ للهواء المحيط بها ، مما يسبب دويا هائلا يصيب الأنسان بالصمم ، وتنتشر موجة من العصف بأضعاف مضاعفة لسرعة الصوت مع شعاع (غاما) القاتل اللامرئي ، والذي يسبب الطفرات الوراثية لتنتقل لنسل الناجين من الأنفجار فتولد الأجنة المشوهة ولأجيال ، هكذا تُهلك هذه القنبلة الحرث والنسل وكأنه يوم قيامة في المنطقة المنكوبة ، وتبقى المنطقة ملوثة اشعاعيا لعشرات السنين ، ويبقى شبح الموت بالسرطان يلاحق الناجين الآخرين لسنوات ، ويكون السطوع شديدا الى درجة أن تُطبع ظلال الاشخاص والبينايات على اسفلت الشارع وكأنه شريحة فلم ، لأن اسفلت الشارع الأسود يتحول الى اللون الرمادي بسبب السطوع ، وتحتفظ الظلال الساقطة عليه بلون الأسفلت الأسود ، أي أن الأمر يشبه ترك ورقة بيضاء في الشمس لفترة طويلة فتتحول الى اللون الأصفر ، بل أن أحد الأمريكان ممن شاركوا في أحد التجارب النووية ، قال (بأمكاني رؤية عظام زميلي حرفيا من خلال اللحم) ! .
ٳن المفاعلات النووية (Nuclear Reactor) ، والذي يمثل قلب محطة الطاقة النووية ، هي قنبلة ذرية مسيطر عليها ، ويستغرق وقت انفجارها البطيء لسنوات ، ليتم حصد الحرارة من هذا المفاعل ، ولتوخي بطء الأنفجار ، علينا منع حدوث عملية التفاعل المتسلسل ، بأمتصاص (النيوترونات) الفائضة المسببة لهذه العملية .
يتم ذلك ، بوضع الوقود النووي (اليورانيوم) ، في حاوية تتحمل درجات الحرارة العالية ، وغالبا ما تكون هذه الحاوية مصنوعة من (الگرافيت Graphite) ، وهو صورة أخرى للكاربون المتبلور ، ونسخة من مادة قضيب الكاربون الموجود في البطاريات الجافة في الأجهزة المنزلية ، أو تُصنع من (السيراميك Ceramic) ، تكون هذه الحاوية مكعبة الشكل أو أسطوانية ، وفيها حُفر عميقة أسطوانية ، مرتبة بشكل مصفوفة مربعة (تشبه طبقة البيض) ، تُملا بعض هذه الحفر بالوقود النووي بالتناوب ، أي حفرة تحتوي على الوقود ، تجاورها حجرة فارغة وهكذا ، ولا يسعني وضع صورة أو مخطط لهذا المفاعل في موقع (كتابات) .
يتم انزال قضبان اسطوانية مصنوعة من فلزات لها قابلية عالية على أمتصاص النيوترونات وذلك في الحفر الفارغة ، ووجد أن فلز (الكادميوم Cd) هو الأفضل ، وعليه سيكون حاجزا يتخلل الوقود النووي فيمنع تدفق النيوترونات ، وبالتالي يمنع التفاعل المتسلسل المسبب للأنفجار النووي ، المزيد في المقالة التالية .