الطاقة الشمسية
….. الحلقة الثانية : ا.د. كاظم الياسري
رئيس جامعة متقاعد
الطاقة الشمسية في العراق :
تمتلك الطاقة الشمسية إمكانات كبيرة، نظرًا لموقع البلاد في نطاق الحزام الشمسي، حيث تصل معدلات الإشعاع الشمسي إلى مستويات عالية جدًا، تتراوح بين 5.5 إلى 6.5 كيلوواط/م² يوميًا في معظم المناطق. ورغم هذه الإمكانيات، لا تزال مشاريع الطاقة الشمسية محدودة مقارنةً بحجم الحاجة الفعلية.
واقع الطاقة الشمسية في العراق:
1. اعتماد العراق على الوقود الأحفوري:
يعتمد العراق بشكل شبه كامل على النفط والغاز في إنتاج الكهرباء، مما يؤدي إلى انقطاعات مستمرة بسبب ضعف البنية التحتية وزيادة الطلب.
2. مشاريع الطاقة الشمسية:
• أطلقت الحكومة عدة مشاريع للطاقة الشمسية، منها اتفاقيات مع شركات عالمية مثل توتال الفرنسية لإنتاج 1,000 ميغاواط من الطاقة الشمسية.
• بعض المحافظات مثل النجف وكربلاء والأنبار بدأت بتركيب محطات شمسية صغيرة.
• الاستثمار في محطات طاقة شمسية بقدرة 2,500 ميغاواط وفقًا لخطط وزارة الكهرباء.
3. توجه القطاع الخاص والمنازل:
• يزداد الاعتماد على منظومات الطاقة الشمسية في المنازل، خاصة مع استمرار انقطاع الكهرباء الحكومية.
• انتشار استخدام الألواح الشمسية في المصانع والمزارع لتقليل تكاليف الوقود.
التحديات التي تواجه الطاقة الشمسية في العراق:
1. البيروقراطية والفساد: تأخير في تنفيذ المشاريع بسبب الإجراءات الحكومية المعقدة والفساد.
2. عدم وجود شبكة ذكية: البنية التحتية غير مهيأة لدمج الطاقة الشمسية مع الشبكة الوطنية.
3. تكاليف أولية مرتفعة: رغم أن تكاليف التشغيل منخفضة، إلا أن كلفة شراء الألواح الشمسية والبطاريات ما زالت مرتفعة.
4. العواصف الترابية: تؤثر الأتربة والغبار على كفاءة الألواح الشمسية، مما يتطلب صيانة دورية.
المستقبل والتوصيات:
• تحفيز الاستثمار: تقديم تسهيلات للمستثمرين المحليين والأجانب في قطاع الطاقة المتجددة.
• تحسين القوانين: وضع تشريعات تدعم استخدام الطاقة الشمسية في المنازل والمؤسسات.
• تطوير البحث العلمي: دعم الجامعات والمراكز البحثية لدراسة طرق تحسين كفاءة الطاقة الشمسية في بيئة العراق الصحراوية.
إذا استثمر العراق بشكل جدي في الطاقة الشمسية، فإنه يمكن أن يقلل اعتماده على النفط ويوفر كهرباء مستدامة لمواطنيه.
مساهمة القطاع الخاص في مشاريع الطاقة الشمسية المنزلية والصغيرة في العراق
القطاع الخاص أصبح لاعبًا رئيسيًا في تبنّي ونشر الطاقة الشمسية، خاصة مع استمرار مشاكل انقطاع التيار الكهربائي الحكومي وزيادة الاعتماد على مولدات الديزل، التي أصبحت مكلفة وغير مستدامة.
1. انتشار منظومات الطاقة الشمسية في المنازل
• يزداد الطلب على الألواح الشمسية والبطاريات في المنازل، خاصة في المدن الكبرى مثل بغداد والنجف والبصرة، حيث تتراوح أسعار المنظومات المنزلية بين 2,000 إلى 6,000 دولار حسب السعة.
• يُفضل بعض المواطنين تركيب أنظمة هجينة تعمل بالطاقة الشمسية مع إمكانية الاتصال بالكهرباء الحكومية أو المولدات.
• يتم تمويل بعض المشاريع من قبل أصحاب المنازل أنفسهم، بينما بدأت المصارف العراقية بتقديم قروض صغيرة لتركيب منظومات الطاقة الشمسية.
2. دور الشركات الخاصة والمحال التجارية
• ازدياد عدد الشركات المستوردة للألواح الشمسية والبطاريات مع دخول شركات جديدة إلى السوق العراقي.
• محال بيع المعدات الكهربائية بدأت توفر حلولًا متكاملة، تشمل التركيب والصيانة.
• بعض الشركات الخاصة تقدم خدمات الدفع بالتقسيط، مما يسهل على المواطنين اقتناء هذه المنظومات.
3. استخدام الطاقة الشمسية في المؤسسات والمزارع
• العديد من المصانع والشركات التجارية اعتمدت على الطاقة الشمسية لتقليل التكاليف التشغيلية، خاصة في القطاعات التي تحتاج إلى طاقة مستمرة مثل المستشفيات والمصانع.
• المزارع الكبيرة، خصوصًا في الأنبار وصلاح الدين وديالى، بدأت تعتمد على المضخات الشمسية للري، مما يقلل الحاجة إلى الوقود.
4. التحديات التي تواجه القطاع الخاص
• عدم وجود تشريعات واضحة تدعم الاستثمار في الطاقة الشمسية أو توفر حوافز حكومية.
• البيروقراطية والإجراءات الجمركية تعرقل استيراد المعدات الشمسية بكميات كبيرة.
• ارتفاع أسعار المنظومات بسبب الضرائب المفروضة على الاستيراد.
• نقص الوعي التقني حول كيفية استخدام وصيانة الألواح الشمسية بشكل صحيح.
المستقبل وفرص التحسين
• يمكن للحكومة العراقية دعم القطاع الخاص عبر إعفاء معدات الطاقة الشمسية من الضرائب وتشجيع البنوك على تقديم قروض ميسرة.
• إطلاق مشاريع شراكة بين القطاعين العام والخاص لبناء محطات طاقة شمسية صغيرة تغذي الأحياء السكنية.
• التوسع في التدريب والتأهيل الفني للشباب في مجال تركيب وصيانة الأنظمة الشمسية.
في حال استمرار الطلب المتزايد على الطاقة الشمسية، قد يصبح القطاع الخاص المحرك الرئيسي لهذا التحول في العراق، مما يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري ويوفر طاقة مستدامة للأسر والشركات.
واحدة من أكبر العوائق أمام تطوير مشاريع الطاقة الشمسية في العراق هي عدم تبني نظام “Grid On” (نظام الربط مع الشبكة الوطنية). هذا النظام يسمح بتغذية الفائض من الكهرباء المولدة بالطاقة الشمسية إلى الشبكة الوطنية، مما يقلل الحاجة إلى البطاريات ويجعل الاستثمار في الطاقة الشمسية أكثر جدوى اقتصاديًا.
لماذا يعد غياب نظام “Grid On” مشكلة؟
1. ارتفاع تكلفة البطاريات: حاليًا، المواطن مضطر لاستخدام البطاريات لتخزين الكهرباء، وهي مرتفعة الثمن ولها عمر افتراضي محدود، مما يزيد من تكاليف النظام الشمسي.
2. إهدار الطاقة الفائضة: بدون نظام ربط مع الشبكة، يتم إهدار أي طاقة زائدة لا يتم استهلاكها فورًا.
3. ضعف الجدوى الاقتصادية: في العديد من الدول، يمكن لأصحاب أنظمة الطاقة الشمسية بيع الفائض للدولة، مما يساعدهم على استرداد تكاليف الاستثمار بسرعة، لكن في العراق لا يوجد هذا الخيار.
4. عدم وجود تشريعات واضحة: وزارة الكهرباء لا تمتلك إطارًا قانونيًا يسمح لها بشراء الكهرباء من الأفراد أو تعويضهم عند تغذية الشبكة بالكهرباء.
كيف يمكن حل هذه المشكلة؟
• إصدار قانون أو تشريع يسمح بشراء الكهرباء من المواطنين الذين يمتلكون أنظمة شمسية، كما هو الحال في العديد من الدول مثل ألمانيا والإمارات.
• إطلاق مشاريع تجريبية لنظام “Net Metering”، بحيث يتم تعويض المواطن بخصم على فاتورة الكهرباء عند ضخ الطاقة الزائدة إلى الشبكة.
• تحفيز شركات القطاع الخاص على الاستثمار في أنظمة تخزين طاقة ضخمة تدعم دمج الطاقة الشمسية مع الشبكة.
• إعفاء مستلزمات أنظمة “Grid On” من الضرائب لتشجيع استخدامها.
هل هناك بوادر لحل المشكلة؟
هناك حديث عن توجه الحكومة لدعم الطاقة المتجددة، لكن لم يتم تنفيذ أي خطوات ملموسة حتى الآن لتفعيل نظام الربط مع الشبكة. ومع ذلك، مع استمرار أزمة الكهرباء، قد يصبح هذا النظام ضرورة لا مفر منها خلال السنوات القادم
مع تحياتي
عبد الكاظم الياسري