كثر الحديث في الآونة الاخيرة في أوساط كثيرة في مدينة ( ديربورن ) ومدن متاخمة لها من التي تسكنها الجاليات العراقية عن حدث الانتخابات العراقية المرتقبة التي سيبدأ تصويت المغتربين العراقية فيها غدا ويستمر على مدى يومين متواصلين ، وفي معرض الحديث عن المواسم الانتخابية السابقة يمكن القول أن معظم الذين يتم توظيفهم في مفوضوية الانتخابات يتم وفق سياقات تعتمد على معايير فئوية وحزبية وطائفية ومناطقية الامر الذي يقطع الطريق على الكثير من الراغبين في العمل ضمن المفوضوية ممن لا ينتمون ولا يؤمنون بتلك المعايير والانتماءات الضيقة بل يؤمنون بالعراق الوطن والخيمة التي يستظل بها جميع العراقيين ، وبعد عقد ونصف من تلك الممارسات التي إستشرت على نطاق واسع في عراق اليوم بفعل فساد الاحزاب التي أجهزت على ما تبقى من العراق بعد إنتهاء حكم الديكتاتورية البعثية ، وعبر تجربة شخصية يمكن القول أن ثقافة هذه الاحزاب التي حكمت العراق منذ 2003 حتى اليوم قد أضحت منهجَ عمل ٍ في جميع مؤسسات السلطة العراقية ، وأبرز الأمثلة على ذلك ما حدث مع كاتبة السطور حيث وضع قبل فترة من الان إعلان يدعو فيه العراقيين المقيمين في الخارج ومنهم الولايات المتحدة الى تقديم سيرهم الشخصية لغرض التوظيف في مفوضوية الانتخابات ، وكوني عراقية أنتمي الى العراق أولا ً وآخرا ً بعيدا ً عن أي إنتماء قومي أو طائفي أو حزبي أو مناطقي ، وبناء ً على ذلك قمت ُ بإرسال سيرتي الذاتية على الرابط الخاص بمكتب المفوضوية في واشنطن ، علما ً ان شروط التوظيف تنطبق علينا تماما ً وأهمها أننا لا ننتمي لأي جهة سياسية ، ونحمل مؤهلا ً علميا ً ، ومن خلال متابعتي للامر عبر الهاتف والايميل ، أخبرني أحدهم ويدعى ( حيدر ) أن ثمة شخص سيتصل بكِ وهو مدير مركز الانتخابات في مدينة ديربورن التي نقطنها الذي كنت أسأل عن إسمه ورقم هاتفه فلم يتم بتزويدي بهذه المعلومة ولكن أزفت الساعة وبدأت ملامح المشهد تتوضح من حيث مقر المركز والعاملين فيه وبالفعل ذهبت صباحا ً مع زوجي الى المركز وضحت الصورة بشكل جلي بعد أن تحدثتُ مدير المركز ويدعى ( حسين الحميدان ) الذي حينما أستجوبته أكد أن أهم معيار تم توظيف 50 موظفا ً على أساسه الشهادة العلمية ، وحين حاججته بأنني أحمل أكثر من شهادتين وعلى شك الحصول على شهادة الماجستير من الولايات المتحدة صيف هذا العام ، تبين من خلال سياق الحديث معه أستنتجت ُ بان الذين تم توظيفهم وفقا ً لمعاير مناطقية وطائفية وحزبية ، ويوجد عدد منهم لا يحمل أي شهادة علمية وأنا أعرفهم بشكل شخصي . ولإنني لا أنتمي لأحزابهم ولا طوائفهم أو مناطقهم بل أنتمي كل العراق من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه ، فلم يرق لهم توظيفي في المفوضوية ليتجسد مرة أخرى النهج الذي يحكم العراق اليوم القائم على الإقصاء والتهميش للآخر .
وإزاء هذا المشهد هل يمكن القول أن الشفافية والنزاهة والولاء للوطن فضلا ً عن المهنية ستكون المعايير التي سينبني بها العراق الجريح الذي لم يعد يشكل لدى القوى السياسية الفاسدة التي تحكمه سوى بقرة حلوب أو كعكعة ليس أكثر ، فلا إنجاز يذكر في العراق لا على مستوى الاعمار والا التنمية بل أن التراجع والتقهقر في مختلف القطاعات هو السمة الابرز التي تطغى على المشهد العراقي الذي ما زال الصراع حوله من قبل القوى السياسية هو الثيمة الابرز في مشهده العام .