هي مناظرة من العيار الثقيل جرت بين ضفدعة لم تترك نهراً أو بركة ماء الا وزارتها وفتشت ما في داخلها فطموحها ليس له حدود ,وسلحفاة قضت جل حياتها بين جدران دائرية في بئرماء يمتد لعمق طويل مظلم لاترى وتبصر من النور الا القيل في النهار وعند بزوغ الفجر ,الضفدعة الصغيرة تخبر السلحفاة : أن هنالك انهار وبحار وعالم واسع الأفق ,وحيوانات كثيرة وحجمها كبيرة منها الأليفة والمتوحشة ,فضلاً هنالك عشيرة لك من سلالتك يعيشون بكامل حريتهم ويتزاوجون ويتكاثرون .
السلحفاة : أغمى عليها من شدة تعجبها لما سمعته وفرحاً بهذا العالم ,وعندما استفاقت تسأل نفسها هل حقاً هنالك وطن آخر استطيع ان أنتقل أليه ,ولي أم كبيرة تغوص البحار والمحيطات حرة الإرادة في مسيرها لامساومات ولا مهادنات تفرض عليها لتحديد الطريق الذي تريد الذهاب اليه ,الضفدعة الصغيرة حقها أن تفاجأت فتفكيرها المتقزم وطموحها لم يتعدى سوى حركة واحدة او حركتين دائريتين ,وهي لازالت غير مصدقة لما كان يحكى لها من حديث الضفدعة التي جاءت وعكرة عليها صفوة حياتها ,حال السلحفاة حال الكثير من الذين أسندت اليهم مناصب وقدمت أليهم المسؤوليات على طبق من ذهب ,وهم بعيدين كل البعد عن تولي أي منصب ,كيف يتحمل مستوى فكره وطموحه وهو يجد مالذ وطاب يساق اليه دون قيد أوشرط ,سيتعامل مع الناس ومع من حوله بنظرة فوقية واستعلائية وانتقاص وحقه ان فعل ذلك ,فهو ان صعد أو نزل قزم بسلوكه ومنهجه ورؤاه وأخلاقه ولم ولن يتغير أي شيء منه لأن هذا الانحراف معجون في سريرته وتربى عليه فلا أب و أم ولا عشيرة يفتخر بها أمام أقرانه ,ويجد أحرار القوم واقفون على بابه ينتظرون توقيعه ,او قضاء حاجة لهم ,ولن يفعلها الا أذا استمكن واسترضى لوحش الذلة الذي بداخله ,ولماذا كل هذا يجري علينا ولأي ذنباً يساق بنا وبمقدراتنا ليكون الجزاء لنا بمثل هذا العمل ,هنالك أكثر منه مهنية وموضوعية وكفاءة واحترام وخلق رفيع ,ضعوهم في أماكنهم الصحيحة التي سيبدعون ويثمرون فيها ثمار العلم والخير والمحبة ,واخرجوا أولئك الذين سيثمروا لنا شجرة الحقد والكراهية وأساليب الفساد بأشكاله وألوانه المتعددة ,أولاد شذاذ الآفاق الذي جاءوا ليؤسسوا لنا الفوضى والخراب وسيتركونها لمن على شاكلتهم من بعدهم,حالهم حال الملوك الفاسدين الذي يدخلون القرى ليفسدوا فيها ويجعلوا أعزة القوم أذلة .